حلاج
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
ژانرها
ثم يقول: «وكان في الكتب الموجودة عجائب من مكاتباته أصحابه النافذين إلى النواحي، وتوصيتهم بما يدعون الناس إليه وما يأمرهم به، من نقلهم من حال إلى حال، ومرتبة إلى مرتبة ، حتى يبلغوا الغاية القصوى، وأن يخاطبوا كل قوم على حسب عقولهم وأفهامهم، وعلى استجابتهم وانقيادهم، وجوابات لقوم كاتبوه بألفاظ مرموزة، لا يعرفها إلا من كتبها ومن كتبت إليه، ومدارج فيها ما يجري هذا المجرى، وفي بعضها سورة فيها اسم الله تعالى، مكتوب على تعويج، وفي داخل ذلك التعويج مكتوب «علي عليه السلام»، كتابة لا يقف عليها إلا من تأملها.»
وإذن فقد أخذت الاتهامات الجديدة تتجه اتجاها سياسيا غامضا.
والغموض هنا عن قصد، وعن عمد، حتى يسبح الخيال ما شاء في الاتهام، ويوجهه إلى كل هدف وأفق.
فالحلاج في هذا الاتهام الجديد له أصحاب وأتباع، أنفذهم إلى كل ناحية من أنحاء العالم الإسلامي، ودربهم وزودهم بما يدعون الناس إليه!
والدعوة الحلاجية منظمة تنظيما سياسيا وروحيا بارعا، ومن أدلة هذا التنظيم الروحي أن الحلاج يباشر قلوب أتباعه بالتربية والإلهام، ثم ينقلهم في الطريق الروحي الصاعد من حال إلى أخرى، ومن مرتبة إلى مرتبة، حتى يبلغوا الغاية القصوى من الكمال، أو من الفناء، أو من الاتحاد والحلول!
ومن أدلة التنظيم السياسي الهادف أن الحلاج قد أمر أتباعه أن يستعملوا الحكمة في دعوتهم السياسية فيخاطبوا كل قوم على حسب عقولهم وأفهامهم، وعلى قدر استجابتهم وانقيادهم.
وخطابات هؤلاء الدعاة مرموزة، لا يعرفها إلا من كتبها أو من كتبت إليه.
وكلمة علي - عليه السلام - هنا تصلح لاتهام الحلاج بمناصرة الشيعة، أو بتأييد القرامطة، أو بالتهمتين معا.
أما الدليل الحاسم الناطق على هذا الاتهام العريض فلا حاجة إليه؛ لأن الخطابات قد كتبت بالرمز، والرمز لا يفهمه ولا يفقهه إلا من كتبه أو من أرسل إليه، وهذا أعجب اتهام عرفه التاريخ!
فإذا استقام هذا الاتهام العجيب في نظر حامد وأعوانه فليمض الاتهام إلى وجهة أخرى ... إلى النيل من قداسة الحلاج الدينية، ومكانته الروحية.
صفحه نامشخص