[أهل الحل والعقد وبيعة المؤلف] تقلدنا قلائد الزعامة، وتحملنا أثقال الإمامة، سار العلماء إلينا أرسالا(1) من كل فج عميق، ومكان سحيق قياما بما يلزمهم من إجابة الواعية(2)، وإخالة لبارق كانوا فيه على الرجاء والطماعية، وكانوا يغدون ويروحون في ميدان الاختبار، ويحاوروننا صباح مساء في ذلك المضمار، فسبقنا سوابق فرسانه، واستمددنا برهانه(3) في طويل ميدانه، وقامت الإمامة دلائلها، وسارت فضائلها، وحينئذ اتضح الحق وتعين فرض الإمامة على كافة الخلق، وازدحموا على البيعة ازدحام الهيم(4) على حياضها، والحدابير(5) المسنتة(6) على رياضها(7) وكانوا عند ذلك بين منتكب قوسا(8)، أو متقلد سيفا، أو معتقل رمحا، يمشي إلى صف أو يتقدم في زحف(9)، وبين قارع منبرا، أو قارئ دفترا، هذا يقوم بجمعتها، وهذا يدعوا إلى جماعتها، وهذا يتحدث في فضائل صاحبها، وهذا يمتطي الآفاق(10) بدعوتها مطيا بجانبها، ولما رأتهم الدهماء(11) كذلك قلدوهم فيما لا يعرفونه إلا من جهتهم، وضموه إلى ما تتناوله معرفتهم من خصالها التي يستوي في معرفتها العالم والجاهل، والنبيه(1) والخامل، فأعطونا صفقتهم طائعين، وأنفقوا أموالهم متقربين، وساروا في مقامات الجلاد: {كأنهم إلى نصب يوفضون}[المعارج:43] حتى قمعنا نواجم الضلالة(2)، وطمسنا رسوم الجهالة.
[بين المؤلف ومعارضيه: آراء ومواقف]
وصار أنف الإسلام كله لنا، ونحن في حال(3) ذلك ندعوا بني عمنا(4) إلى النصرة ، ونقول: أنتم وجوه الأسرة، وأعلام العترة، وهم مرة ينتقصون الإمام والإمامة، ومرة يقولون نحن أولى بالزعامة، ومرة «يصدون عن سبيل الله من آمن به ويبغونها عوجا»(5) ومرة يكاتبون سلطان اليمن(6) نظما ونثرا، ويلتمسون من لديه فرجا ونصرا،؛ بغيا وحسدا: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما}[النساء:54].
صفحه ۴۸