هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
ژانرها
لا أطلب كثيرا من المجد ولا وفيرا من المال وكلاهما يؤدي إلى الاضطراب، ولكن المرء لا ينام هنيئا ما لم يكن له شيء من الشهرة ولديه شيء من المال.
أفضل أن يزورني القليل من الناس على أن يرتاد مسكني عشراء السوء، وهذا العدد القليل يجب عليه ألا يطيل السمر عندي لئلا يعكر صفو رقادي.
تسرني مجالسة البلهاء؛ لأنهم يجلبون النعاس، ولشد ما يغتبطون عندما نحبذ حماقاتهم ونشهد بإصابتهم.
على هذه الوتيرة يقضي فضلاء الناس نهارهم، أما أنا فإنني إذا أمسى المساء أحترس من أن أراود النعاس؛ لأنه سيد الفضائل ولا يرتاح إلى تحرش الساهرين.
وتحت جنح الظلام أستعرض ما فكرت فيه وما فعلته في يومي، فأنطوي على نفسي كالحيوان الصبور وأسائلها عما قهرت به أميالها عشر مرات وعما عقدت به الصلح مع ذاتها عشر مرات، وعن الحقائق العشر والمسرات العشر التي أفعمت بها.
وبينما أكون مستغرقا تهزني الأربعون خاطرة، يستولي النعاس علي فجأة، وهكذا يسودني الكرى سيد الفضائل دون أن أتوجه بدعوة إليه.
يشغل النعاس جفني فتغمضان، ويلمس فمي فيبقى مفتوحا.
إنه يدلف إلي كلص محبوب فيسرق أفكاري وأبقى أنا منتصبا كعمود من خشب ، ثم لا تمر لحظات حتى أنطرح ممددا على فراشي.
وبعد أن أصغى زارا إلى هذه الأقوال يقرع الحكيم بها الأسماع تملك ضحكه، وأشرق نور في جوانب نفسه فناجاها قائلا: يتراءى لي أن هذا الحكيم قد جن كخواطره الأربعين.
ولكنه جد خبير بحالات الكرى، فما أسعد من يجاور هذا الحكيم! لأن مثل هذا النعاس شديد الانتقال بالعدوى حتى إلى ما وراء الجدران.
صفحه نامشخص