قال: «نعم وصلت إليه فرأيت أثر الدم، ووجدت القباء ممزقا وعليه جلط الدم فعجبت لتمزيقه.»
فقال الرجل: «لا تعجب يا ولدي لتمزيقه؛ لأنه مزق قلبي فانتقمت منه فاعذرني.»
فاستغرب حسن ذلك وقال له: «بالله ألا قصصت على خبر هذا القباء؟»
فقال له: «أعفني من خبره واقنع بما قلته لك ولو تلميحا.»
قال: «وماذا قلت؟»
قال: «ألم أقل إن هذا القباء هو الذي مزق قلبي؛ لأنه كان دليلي إلى الفريسة المطلوبة فإذا هي ولدي وفلذة كبدي.»
ففطن حسن لأمور كثيرة كانت موضع شكه، وتذكر أنه ليس من يعلم بوجود ذلك القباء معه غير عرفجة؛ لأنه أخذه من عنده ولم يلبسه قط، فاحتاطت به الشكوك وتناوبته الهواجس، وظل صامتا برهة لا يتكلم ثم قال: «ألا تقول لي من الذي أغراك بقتلي؟ فإني أخشى أن أتهم أناسا أبرياء.»
قال: «أمرني بذلك رجل كبير في هذه المدينة، وهو صاحب السلطان الأقوى فيها.»
ففهم حسن أنه يشير إلى عامل المدينة طارق بن عمرو، وكان يعلم بما بين طارق وعرفجة من الصداقة، فترجح لديه أن لعرفجة يدا في هذه المكيدة، لكنه أسرها في نفسه واعتصم بالصبر إلى أن يتم مهمته بمكة.
وأراد سليمان أن يذهب الانقباض عن صديقه فقال لأبيه: «كيف رأيت هذا الصديق يا أبي؟»
صفحه نامشخص