حافظ نجیب : ادیب محتال
حافظ نجيب : الأديب المحتال
ژانرها
وفي يوم التمثيل الموافق 12 / 11 / 1926، أصدر حافظ نجيب العدد قبل الأخير من مجلته «الحاوي»، وهو عبارة عن نشرة إعلانية مكونة من أربع صفحات، كانت توزع مجانا على الجمهور، كدعاية لمسرحية «بم بم». وفيها من المعلومات أن فرقة حافظ نجيب تقدم حفلتين مسرحيتين كل شهر. وأن مسرحية «بم بم» «أقوى فودفيل ظهرت على المسارح ... ليس بها حركات بهلوانية، ولا نكات حشاشين. إنما قوتها المضحكة في سوء التفاهم المستمر، والمفاجآت المتعددة، والمواقف التي أوجدها الكاتب المحتال «حافظ نجيب»، ليضحك الجمهور أو يضحك عليه»، هذا بالإضافة إلى أن محلات بلاتشي وحاييم للموبليا، هي التي تقدم الديكورات والأثاث والإكسسوارات الخاصة بمسرحيات فرقة حافظ نجيب.
ومن الجدير بالذكر، أن الفودفيل نوع من أنواع الكوميديا شاع في مصر في أوائل القرن العشرين على يد عزيز عيد، الذي أنشأ أول فرقة فودفيلية عربية، مثلت مسرحيات معربة عن الفرنسية، من أشهرها: «خلي بالك من إميلي»، «يا ستي ماتمشيش كده عريانة»، «خلي مراتي أمانة عندك»، «سكرة بنت دين كلب!» ومصطلح الفودفيل مركب من «فودي فير» أي «وادي فير»، وهي قرية من قرى نورمانديا في شمال فرنسا، كان أهلها يتغنون بمقطوعات من الشعر المجوني، على سبيل التهكم والسخرية بالناس. وقد تسرب هذا النوع إلى المسرح، واختلط بالكوميديا. وأصبح الفودفيل المسرحي، هو كل رواية تشتمل على حوادث ذات مفاجآت ومواقف مضحكة.
26
وهذا المعنى، هو ما سار عليه حافظ نجيب في كتابة أو تمثيل مسرحية «بم بم».
وبعد تمثيل مسرحية «بم بم»، كتب ناقد مجلة «الفنون» مقالة عنها في 21 / 11 / 1926، قال فيها: «حضرنا تمثيل هذه الرواية في يوم الجمعة الماضية في تياترو برنتانيا، فكان التمثيل بديعا، والموضوع يدل حقيقة على عبقرية مؤلفها، الأستاذ حافظ نجيب النابغة في كل أعماله. ألف الرواية حافظ نجيب، وعلم فرقته تمثيلها، وظهر على خشبة المسرح، فكان نعم الكاتب ونعم الممثل. ظهر محاميا وطالبا للزواج، فأضاع لباقة المحامي بحياء موقفه الجديد، ثم أخذ ينتقل في التمثيل من فصل إلى آخر، فكان يدهش النظارة بمفاجآته ونكاته، ويروح عنهم هموم اليوم بسرعة خاطره. أما العروس التي جاء يخطبها، فقد أظهرت في التمثيل كل النجاح ... وقابلها الجمهور عقب كل موقف بالتصفيق الحاد والتهليل، وتمنى كل من أسعده حظه برؤية هذه الفرقة أن تستمر في عملها الجديد. أما والد العروس فكان مع كبر سنه خفيف الظل رشيق الحركات، وهذا أيضا من حسن اختيار حافظ نجيب النابغة الأصلي. وكان الخادم الذي اشتغل في الفندق ثم اشتغل بعدئذ في خدمة العروس «زوج المحامي»، طلق اللسان جريئا، كثير التوريات. ومع كل هذه المفارقات فالإعجاب به كان عظيما والتصفيق حادا. وقد خرج المتفرجون مسرورين، يغبطون النابغة حافظ نجيب على فرقته، ويتمنون له استمراره في العمل لخدمة هذا الفن، وأن يكون جديدا لا بليدا في إخراج الروايات، حتى لا يقل عن يوسف وهبي أو الريحاني، اللذين يجهدان نفسهما لجذب الجمهور لمسرحهما. فاللهم وفق كل ظريف كحافظ نجيب.»
وهذا القول يضيف إلينا معلومات جديدة، منها: إن حافظ نجيب لم يكن مؤلف المسرحية وممثلها فقط، بل كان مخرجها أيضا. فقد كان حافظ فيما مضى يعتمد في إخراج مسرحياته، على الفنان حسن الباردوي «المدير الفني للفرقة». ولكن في هذه المسرحية كان حافظ نجيب «معلمها» أي مخرجها. وأيضا علمنا من هذه المقالة، أن حافظ نجيب نجح كممثل كوميدي، مثلما نجح كممثل تراجيدي في مسرحياته السابقة! هذا بالإضافة إلى أن المقالة، تعكس لنا الإقبال الجماهيري الكبير على مسرح حافظ نجيب، ذلك الإقبال الذي فاق إقبال الجمهور على مسرحي يوسف وهبي ونجيب الريحاني في هذا الوقت ! وأخيرا نجد كاتب المقال، يكرر كلمة «النابغة»، ويقرنها باسم حافظ نجيب، وهذا يدل على أن تأثير كتاب «نابغة المحتالين» على القراء، ما زال مستمرا حتى هذا الوقت. ولا ننسى أيضا كلمة «ظريف» في نهاية المقالة، التي تشير إلى حافظ نجيب، تشبها بأرسين لوبين «اللص الظريف»!
توقف حافظ نجيب عن عروضه المسرحية، حوالي أربعة أشهر تقريبا، وفي مارس 1927، بدأ في تكوين فرقة مسرحية جديدة، ضمت مجموعة من الممثلين، على رأسهم الفنان حسن فايق،
27
والمطربة ملك.
28
صفحه نامشخص