وتتساءل سميرة في نفسها دون أن تبين: هل أجدت هذه الوسائل في دفع المصائب عن صدرية ومطرية؟! وحم القضاء فتوفي حسين قابيل بعد مولد سليم بعام واحد وأربعة أعوام خلت على وفاة أبيها. ولم ترث عنه إلا مخزنا من التحف، دبرت أمورها على عوائد بيعها عند الحاجة، وقد رحل الأب، وذريته ماضية في مراحل التعليم ما بين الثانوية والجامعة.
وسألتها راضية: ماذا تبقى لك يا سميرة؟
فأجابت: مخزن من التحف.
فقالت المرأة: بل يبقى لك خالق السماوات والأرض.
حرف الشين
شاذلي محمد إبراهيم
الابن الثاني لمطرية ومحمد إبراهيم، وقد ولد ونشأ في بيت والديه بحارة الوطاويط؛ كان جميلا ولكن دون أخيه أحمد المتوفى درجة، وحل محل أخيه الراحل في زمالة خاله قاسم، ولكنه لم يفز بالمنزلة الأسطورية التي فاز بها أحمد. ومن صغره خالط بيت جده عمرو، وآل سرور، والمراكيبي وداود، وثابر على ذلك في سائر أطوار حياته ناهجا سبيل أمه في حب الناس والإكثار من معاشرتهم. ومن صغره أيضا تجلت له مواهب سوف تصحبه في حياته؛ كخفة روحه، وميله للهو، وتطلعه للمعرفة، وحبه البنات، وتوفيقه في ذلك كله، رغم أنه لم يحرز في حياته التعليمية إلا درجة وسطى. ولعله ورث عن أبيه حب الاطلاع ووجد زاده في الكتب والمجلات التي يقتنيها. وأضاف إلى معارفه من الأهل أصدقاء جددا من قادة الفكر المعاصر، أيقظوه من سباته وألهبوه بالتساؤلات التي لم ينقطع عنها طيلة عمره. ورغم ثقافته الإنسانية المتنامية وجد استعداده في دراسة العلوم الرياضية فالتحق بكلية العلوم، ثم اشتغل مدرسا كأبيه، واستقر في القاهرة بوساطة آل المراكيبي وآل داود. وواصل حياته مشغولا بثقافته ولهوه عن المستقبل حتى قال له أبوه: إنك مدرس، ومهنة التدريس ذات تقاليد، وأرى أن تفكر في الزواج.
وقالت مطرية: البنات في أسرتنا كثيرات، بنات خالاتك، وبنت عمنا زينة!
وكان قد غازل الكثيرات دون جدية، ولم يشعر نحو إحداهن بحب حقيقي، فقال: سأتزوج بالأسلوب الذي أقتنع به.
فقال أبوه محذرا: المدرس يجب أن يكون حسن السمعة.
صفحه نامشخص