وما لم يكن أنصار الحقوق النسائية يزعمون للمرأة أنها أقدر على الحكم من الرجل، فقصارى ما يزعمونه أن الرجل مثلها وأنها هي مثله في سياسة الحكومة، فلا ضير إذن من تفرد الرجل بالحكم؛ لأنه سيحكم كما تحكم ولا يهبط بالسياسة إلى ما دونها، وإنما الضير أن تنصرف هي عن تنظيم البيت وتنشئة الجيل المقبل وهي صاحبة هذا العمل وأولى به وأقدر عليه.
واعتقادنا أن الطريق يطول بنا قبل الوصول إلى نتيجة من سؤالنا عن مساواة المرأة للرجل في الحقوق السياسية، وهل لها حقوق هذه المساواة أو ليست لها هذه الحقوق؟
لكننا ننتهي إلى الغاية قبل ذلك إذا سألنا: هي تفيدها هذه الحقوق؟ وهل تساوي فائدتها الشمائل البيتية إذا توفرت عليها النساء؟
واعتقادنا هنا أيضا أنه لا النساء ولا الرجال يصلحون المجتمع بالقوانين والأصوات الانتخابية، وأن القانون المستقيم يعوج في المجتمعات العوجاء، ويساء تطبيقه وتنفيذه ولو أفرغ في قالب الكمال، فإذا صلح تطبيق القانون وجرى تنفيذه على سنة العدل والإنصاف فلا بد لذلك من صلاح سابق وتمهيد شامل يبدأ من البيت والمدرسة ويعم الشارع والحانوت.
وعند المرأة حقوق غير حقوق الانتخاب تصل بها إلى التوجيه والطلب والإيحاء، وهي حقوق الأم وحقوق الزوج وحقوق الخطيبة وحقوق الصديقة الموحية إلى الذهن والعاطفة والخيال، فإن كانت هذه الحقوق مشلولة في يديها فذلك هو إفلاس الأنوثة الذي لا يعوضها عنه عوض قط يأتي من جانب التشريع وأصوات الانتخاب.
ولسنا نعرف كلمة وزنت حقوق المرأة كما وزنها التشريع الإسلامي حيث جاء في القرآن الكريم:
ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة [البقرة: 228].
فميزان حقوق المرأة الخاصة هو واجباتها الخاصة.
وواجباتها الخاصة هي الواجبات التي تحسنها ولا يحسنها غيرها ولا تحسن عملا أفضل منها.
وهي الأمومة وتنظيم الحياة البيتية، عمل إذا تركته لم يخلفها الرجل عليه ولم تتول عملا آخر أجدر منه بولايتها.
صفحه نامشخص