أهم واجب على الزوجين أن يفي أحدهما للآخر وفاء متبادلا إلى آخر العمر.
وما على الزوجين من التحاب فقد أظهر لكم.
شكل 2-11: جبل آبو. معبد ورج بال تيج بال الجيني «القرن الثاني عشر من الميلاد.»
وليس في شرائع منو ذكر لعادة حرق الأرملة على موقد زوجها التي لم تزل عن بلاد الهند إلا في أيامنا، وتلك العادة أخذت تشيع في ذلك الزمن مع ذلك، فقد روى خبرها مؤرخو الفتح المقدوني من اليونان. (9) معتقدات الهندوس الدينية قبل الميلاد بثلاثة قرون أو أربعة قرون
ظهرت البدهية في الهند في العصر البرهمي، وكاد يكون لها شأن فيه، فقد حدث ميغاستين عن رهبان بدهيين وعن مذاهبهم الحديثة التي كانت حديث القوم في زمانه وعن معارضة البراهمة لها، غير أن البدهية لم يستفحل أمرها فتصبح دين الهند الرسمي إلا بعده قليلا، أي في عهد آشوكا الذي ظهر قبل الميلاد بقرنين ونصف قرن كما نرى ذلك في فصل آت، وأما الآن فإننا نبحث في الديانة البرهمية قبل المسيح ببضعة قرون.
ظل دين القوم، من الناحية النظرية على الأقل، كما هو منصوص عليه في كتب الويدا، فقد بقيت هذه الأسفار الكتب المقدسة المعتبرة التي يحتج بنصوصها على الدوام، بيد أن المعتقدات تطورات تطورا شاملا مع بقاء الآلهة القديمة، فترى من جهة ظهور نظريات فيما بعد الطبيعة جديدة حول مقادير الإنسان ومصاير الكون وأسبابه، وترى من جهة أخرى تحول الدستور الكهنوتي إلى دستور شديد إلى الغاية، وبلغ أمر الطقوس وتقريب القرابين من الأهمية ما نقول معه إن قدرته السحرية غدت تفوق قدرة الآلهة، وإقامة الشعائر هي التي تهم قبل كل شيء، ولن تجد ديانة ذات شعائر جافة معقدة كتلك، وكأن ريحا صرصرا قد هبت في العالم الويدي القديم فأتت إلى الأبد على الآلهة العجيبة التي وصفتها كتب الويدا بالقول الرائع والخيال الساطع، فصرت لا تبصر في الشرق ذلك الفجر العذب اللطيف، بل ترى كوكب النهار فوق مركب النصر، وصرت لا تشعر بالرياح الطيبة تسوق البقرات الإلهية إلى المراعي السماوية فتدر ثديها بما يغمر الأرض من المطر السخي، حقا لقد غابت هذه الأساطير وما كانت تثيره في النفوس من الخيالات.
ولا ندرس في هذا المطلب بالتفصيل علم اللاهوت البرهمي القديم الزاخر بدقائق الشعائر وتقريب القرابين، وإن كنا نعود إلى ذلك، مع تعديل، في الفصل الذي خصصناه للبحث في ديانات الهند الحديثة، وكل ما نفعله الآن هو أننا نشير إلى أكثر المناحي الفلسفية انتشارا في ذلك الحين، وهي ما نراها مجملة بوضوح في كتاب منو الذي لم يفعل غير تكرار ما يقوله البراهمة والأوبانشد بإسهاب.
شكل 2-12: غواليار. معبد تيلي مندر «أنشئ في القرن العاشر من الميلاد على ما يحتمل»، «يبلغ ارتفاعه نحو 34 مترا.»
ولم تكن الآلهة الغامضة الأمر في الرغ ويدا، فتجلت مؤخرا في شخصي شيوا ووشنو، إلا أشد غموضا مما كانت عليه في العصر الويدي، فليست هذه الآلهة غير مظاهر مجردة فاترة للإله الأعلى برهما الذي يبث الحياة في كل موجود، وليس الإله برهما، مع ذلك، الرب الأسمى الخالق لكل شيء ولكل موجود والمهيمن على العزائم الذي بصرت به كتب الويدا، فهذا الإله ليس مستقلا فضلا عن عدم تدبيره للكون، فهو إذ كان موزعا في جميع المخلوقات المترجحة بين أطيبها وأخبثها يشاطرها مصايرها وينال نصيبا من آثامها وآلامها وبعثها وتحولها البطيء وارتقائها العسير، قال منو:
تستقر الروح العليا في أرقى المخلوقات وأسفلها.
صفحه نامشخص