وفي شرائع منو أن الملك الحكيم الرشيد هو الذي يظل متأهبا للحرب على ألا يخوض غمارها إلا إذا كان موقنا بأن النصر يكون حليفه، فعلى الملك الذي يود النصر ألا يمتشق الحسام قبل المفاوضات وبث العيون والأرصاد وبذر عوامل الشقاق بين الأعداء، جاء في شرائع منو:
ليجتذب الملك من يستطيعون أن يساعدوه على بلوغ مآربه، كأقرباء الأمير العدو الطامعين في عرشه أو وزراء هذا الأمير الساخطين، وليعلم جميع ما يصنعه الأعداء، فإذا ما آنس من السماء عطفا حارب، غير هياب، ليفتح بلادا.
ولم يكن التجسس نافعا ضد الأعداء وحدهم، بل كان يعد أداة حكومية صالحة، فبالعيون كان الملك يكتشف الائتمار به، وبهم كان يعلم مدى نزاهة مفتشيه وإخلاصهم، وبهم كان يراقب الغلال والأسواق درءا لكل غش وتدليس في جباية الخراج.
وكان الخراج يزيد وينقص بحسب جودة المواسم ورداءتها، فكان يزاد في الجدب وينقص في الخصب، فاسمع ما جاء في شريعة منو حول هذه التحولات:
يمكن إبلاغ الضريبة المفروضة على التجار في زمن العسر إلى ثمن الغلات، وإلى ربعها، وإلى واحد من عشرين من الربح النقدي بعد أن تكون في زمن اليسر واحدا من اثني عشر من الغلات وواحدا من خمسين من الربح النقدي، ويجب على الشودرا والعمال والمحترفين أن يؤدوا عمل يوم واحد في الشهر من غير أن يؤتوا ضريبة.
وليأخذ الملك سدس الدخل السنوي من اللحم والعسل والسمن والرب والعقار
3
والشجر والعطر والزهر والجذر والتمر.
ومن ثم تبصر أن الشودرا ليس لهم ثروة غير العمل فلا يؤدون إلى بيت المال ضريبة سوى عمل يوم واحد في الشهر.
وكانت المراقبة العامة في البلاد محكمة التنظيم، فكان لكل قرية وكل مدينة مفتشها الذي يرفع تقريره إلى المفتش الأعلى لمجموعة من المدن، ثم يرفع هذا المفتش تقريره إلى مفتش الولاية، ثم يرفع مفتشو الولايات النتائج رأسا إلى وزراء الملك الذين كانوا يختارون من أعلم البراهمة.
صفحه نامشخص