36
وعيون صغيرة مزمومة أفقية وشفاه غليظة ووجنات ناتئة وأنوف قصيرة وألوان مترجحة بين الصفرة والسواد وقامات قصيرة مربوعة ضليعة، ويتكلمون بلهجات مفرعة من اللغة الكولية التي يتميزون بها من شعوب الهند الفطرية الأخرى، ويجاوز الكول منطقتهم المستطيلة إلى وادي الغنج حيث لاقيناهم.
ويسكن السانتهال والملير الجبال الواقعة بين بهار والبنغال، فيعدون من الأرومة الكولية بالحقيقة، ومما قلناه إن لغة السانتهال تمثل دور اللغة الأم بين اللهجات الكولية كما هو شأن السنسكرت في اللغات الهندية الأوربية.
وكان الكول جميعهم يسمون باسم سوارا العام الذي ورد ذكره في كتب الهندوس غير مرة، ورأى بعض العلماء أن هذا الاسم مشتق من الكلمة الشيثية «سغاري» التي تعني «الفأس»، والواقع يؤيد هذا الرأي ما كانت الفأس سلاح الكول والغوند المفضلة، وما ظلت، في بعض الأحيان، عدتهم الوحيدة، فالحق أنك لا ترى شخصا من أهل جهوتاناغبور أو أهل غوندوانا الأصليين لا يحمل بيده فأسا إذا ما ابتعد قليلا عن منزله، ولا غرو، فلا غنية له عن هذه الآلة في فتح طريق له وسط الآجام وفي الهجوم على الأنمار.
وبعض القبائل الكثيرة التي تسكن جهوتاناغبور وساحل أوريسة في الشرق ما هو كولي خالص وبعضها ما هو ممزوج بالعنصر الدراويدي الحديث والقديم، وبين هذه القبائل فروق غير واضحة تماما؛ لعدم وجود أمثلة بينة لها على الدوام، وتدعى تانك الجماعتان بالأوراؤن والمندا، فأما المندا فيشابهون المغول كثيرا، وأما الأوراؤن فمن الزنوج الذين يبدو مثالهم أقرب إلى القرود منه إلى البشر.
ومن أهم الأهالي الذين يسكنون وادي برهمني ووادي مهاندي الأدنيين وقسما من ساحل أوريسة نذكر الكوند الذين يجب التفريق بينهم وبين الغوند المقيمين بغوندوانا، وعلى ما بين تلك الشعوب من صلة كما بين جميع الفطريين يتألف منها جماعتان مختلفتان.
وتلك الشعوب، إذ كانت ذوات عادات متماثلة يدنون بها من إخوانهم سكان الولايات الوسطى الذين وصفناهم آنفا، نوجز أمرها بما يأتي: تقوم ديانتها، كما تقوم ديانة الغوند، على عبادة الشمس والأرض وقوى الطبيعة والخوف من أرواح الموتى وتقديس الضواري والآفات التي يعرضون لها، على الدوام، تقديسا ممزوجا بالهول، وترى في الأعاصير والمجاعات والأوبئة والجفاف مظاهر لقوى هائجة يجب التوسل إليها بقراءة العزائم وتسكينها واستعطافها بالقرابين، فعدت الدموع ودماء الضحايا البشرية طويل زمن ندى سحريا لا بد للأرض منه لكي يتسع صدرها فتصح خصيبة، واليوم يزول هذا الاعتقاد بالتدريج، وصارت الأنعام، أيضا، لا تذبح، فتستبدل بها في المذابح صور خزفية وفواكه وأزهار، ويستبدل بدمائها دهن أحمر ترش به الحجارة المصفوفة على شكل دائرة أو الأهرام الصغيرة التي تعلوها أو الأوتاد المثبتة في الأرض.
ولما حاول الإنجليز أن يحملوا، بالإقناع والتهديد، الكول السذج على نبذ عادة تقريب القرابين البشرية رضي هؤلاء بذلك على أن يحتمل الأوربيون تبعة هذا الإلحاد تجاه الآلهة، ولا شيء أفظع من القيام بمثل هذه الشعائر، فكان الجمهور يقطع الضحية إربا إربا عند ذبح الكاهن المقرب لها اتباعا للاعتقاد القائل إن كل قطعة من اللحم الخافق تميمة قادرة، فمن يأخذها فيدفنها في ناحية من حقله وهي دامية سخينة ينل البركات من السماء لأمد بعيد، فبهذا الثمن يزول غضب الإلاهة تاري أي الأرض الساخطة.
وكان يتخطف صبية من الغرباء والأيتام ويؤتى بهم إلى الكول ليربوا فيكونوا ضحايا المستقبل، وكان يقوم بذلك الاصطياد قهارمة
37
صفحه نامشخص