يا ابن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان ، فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه؟ فقال : يا زرارة ان هذا خير لنا وأبقى لكم. ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا ولكان أقل لبقائنا وبقائكم. قال : ثم قلت لأبي عبد الله عليه السلام : شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين ، قال : فأجابني بمثل جواب أبيه).
فانظر إلى صراحة هذا الخبر في اختلاف أجوبته عليه السلام في مسألة واحدة في مجلس واحد وتعجب زرارة ، ولو كان الاختلاف إنما وقع لموافقة العامة لكفى جواب واحد بما هم عليه ، ولما تعجب زرارة من ذلك ، لعلمه بفتواهم عليهم السلام أحيانا بما يوافق العامة تقية ، ولعل السر في ذلك أن الشيعة إذا خرجوا عنهم مختلفين كل ينقل عن امامه خلاف ما ينقله الآخر ، سخف مذهبهم في نظر العامة ، وكذبوهم في نقلهم ، ونسبوهم الى الجهل وعدم الدين ، وهانوا في نظرهم ، بخلاف ما إذا اتفقت كلمتهم وتعاضدت مقالتهم ، فإنهم يصدقونهم ويشتد بغضهم لهم ولإمامهم ومذهبهم ، ويصير ذلك سببا لثوران العداوة ، والى ذلك يشير قوله عليه السلام : (ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا. إلخ).
ومن ذلك ايضا ما رواه الشيخ في التهذيب (1) في الصحيح على الظاهر عن سالم أبي خديجة عن أبي عبد الله (ع) قال : (سأله إنسان وأنا حاضر فقال : ربما دخلت المسجد وبعض أصحابنا يصلي العصر ، وبعضهم يصلي الظهر؟ فقال : أنا أمرتهم بهذا ، لو صلوا على وقت واحد لعرفوا فأخذ برقابهم). وهو أيضا صريح في المطلوب ، إذ لا يخفى أنه لا تطرق للحمل هنا على موافقة العامة ، لاتفاقهم على التفريق بين وقتي الظهر والعصر ومواظبتهم على ذلك.
صفحه ۶