السّريّة «١» . وقد صنّف العلماء- رحمهم الله تعالى- في سيرته ﷺ وفي عاداته وعباداته المختصر والمطوّل، وألّفوا فيها المجمل والمفصّل. فانتقيت من مجموع ما صنّفوه، واصطفيت من محصول ما ألّفوه؛ نبذة كافية شافية، لخّصتها ممّا صحّ من الأخبار، واشتهر بين علماء الحديث والآثار، ممّا أكثره في «الصّحيحين»، أو في أحدهما، أو في غيرهما من الأصول المعتمدة- كالسّنن الأربعة، لأبي داود والتّرمذيّ والنّسائيّ وابن ماجه، وكموطأ الإمام مالك، وكسيرة ابن هشام، وشفاء القاضي عياض- رحمة الله عليهم أجمعين.
فوقع بحمد الله تعالى كتابا عظيم الوقع، جمّ الفوائد، كثير النّفع، صغير الحجم، كثير العلم، مشتملا على ما يزيد في الإيمان من الكلم الطّيّب العذب، ويحيي القلب إحياء المطر الصّيّب «٢» للبلد الجدب «٣» .
وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ/ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ [سورة هود ١١/ ١٢٠] .
مفتتحا بخطبتين، منقسما إلى قسمين، مشتملا على سيرتين، مشمولا إلى حضرتين.
فقسم في المبادىء والسّوابق، وقسم في المقاصد واللّواحق.
أمّا قسم المبادىء والسّوابق: فافتتحته بخطبة في التّعريف بمولده الشّريف، وقدره العليّ المنيف- وإن كان غنيّا عن التّعريف-
_________
(١) السّريّة: الشّريفة. سرو، سروة، وسروا: شرف، فهو سريّ.
(٢) المطر الصّيّب: المطر بقدر ما ينفع ولا يؤذي. من الصّوب.
(٣) البلد الجدب: البلد الّذي يبست أرضه لاحتباس الماء عنها.
1 / 46