لا دلالة فيه على وجوبه وانما يدل على رجحانه إذ الظاهر جريان الجملتين الخبريتين على وتيرة واحدة مع أن دلالة الجملة الخبرية على الوجوب محل توقف فان قلت دلالة الجمل الخبرية في المقامات الطلبية على الوجوب إذا لم يثبت خلافه مما لا ينبغي التوقف فيها بل المستفاد من كلام محققي علماء فن المعاني ان دلالتها في تلك المقامات على الاهتمام بالطلب والاعتناء بالامتثال أشد واكد من دلالة الامر الصريح عليه الا ترى إلى قولهم ان البلغاء يقيمونها مقام الانشائية ليحملوا المخاطب بوجه أكيد ونهج لطيف على الاتيان بما طلب منه ويبعثونه على عدم التهاون به كقولك لصاحبك لا يجب تكذيبك تأتيني غدا بلفظ الخبر مقام اتيني بلفظ الامر فتحمله بالطف وجه على الاتيان لأنه لو لم يأتك غدا صرت كاذبا بحسب الظاهر لكون كلامك في صورة الخبر قلت مراد علماء المعاني ان البلغاء ربما يعدلون عن صريح الامر إلى الخبر ويقيمونه مقامه لرعاية النكتة المذكورة وليس سبب العدول إليه منحصرا عندهم في رعاية تلك النكتة فان له أسبابا أخرى مفصلة في كتب الفن فلعل عدول الإمام عليه السلام عن صريح الامر انما وقع لبعض تلك الأسباب والله أعلم والمجرور في قوله عليه السلام ثم اغسل ما أصابك منه ما عائد إلى البول أو المني المدلول عليه بالجنابة وظاهر الامر بالبول في الحديث يعم المنزل والمولج من دون انزال وقد خصه الأصحاب رضوان الله عليهم بالمنزل وهو حسن وما تضمنه الحديث الثالث من قوله عليه السلام ثم تصب على رأسك ثلثا يحتمل ان يكون المراد به غسل الرأس ثلث مرات وأن يكون عليه السلام أراد غسله بثلث اكف من غير دلالة على تثليث الغسل كما تضمنه الحديث العاشر وقد حكم جماعة من الأصحاب باستحباب تكرير الغسل ثلثا في كل عضو وقد دل هذا الحديث والحديث العاشر على المرتين فيما عدا الرأس وحكم ابن الجنيد بغسل الرأس ثلثا واجتزأ بالدهن في البدن واستحب للمرتمس ثلث غوصات و ما تضمنه الحديث الرابع من قوله عليه السلام ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك ربما يستفاد من استحباب اختيار الشمال في غسل الفرج وتنزيه اليمين عن مباشرته وقد يستأنس له بما روى من كراهة الاستنجاء باليمين وبما رواه الصدوق عن أبي جعفر عليه السلام إذا بال الرجل فلا يمس ذكره بيمينه وما تضمنه آخر الحديث والحديث الخامس من الاجتزاء في غسل الجنابة بارتماسة واحدة مما لا خلاف فيه بين الأصحاب وألحقوا به بقية الأغسال ونقل الشيخ في المبسوط قولا بان في الارتماس ترتيبا حكميا وهذا القول لا يعرف قائله غير أن الشيخ صرح بأنه من علمائنا وفسر تارة بقصد الترتيب واعتقاده حالة الارتماس وأخرى بان الغسل يترتب في نفسه وان لم يلاحظ المغتسل ترتبه وقال شيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره تبعا لشيخنا الشهيد قدس الله روحه ان فائدة التفسيرين تظهر فيمن وجد لمعة فيعيد على الأول ويغسلها على الثاني وفي ناذر الغسل مرتبا فيبر بالارتماس على الثاني دون الأول انتهى كلامه أعلى الله مقامه وللبحث فيه مجال؟؟ واسع ولا يخفى ان رعاية الترتيب الحكمي بهذين التفسيرين ربما يقتضي مقارنة النية لجزء من الرأس فتدبر ولقد اشتدت عناية متأخري الأصحاب رضوان الله عليهم بتفسير القول وأطنبوا الكلام فيه ولعل السبب في ذلك أن جهالة نسب القائل واسمه مع العلم بكونه من علماء الطائفة توجب علي مقتضى قواعدنا من يد؟
الاعتناء بقوله زيادة على ما إذا كان معروفا والله أعلم بحقايق الأمور ولفظة ما في قوله السائل في الحديث السادس وهو يقدر على ما سوى ذلك يجوز ان يجعل كسرها لفظيا وأن يكون محليا اي وهو يقدر على ماء غير ماء المطر أو على غسل سوى ذلك الغسل وهذا الحديث استدل به الشيخ في المبسوط على أن الوقوف تحت المجرى والمطر الغزير يجري مجرى الارتماس
صفحه ۴۰