طاب ثراه ان تخصيصه عليه السلام الماء يدل على نفي الطهورية عن غيره خصوصا عقيب ذكر النعمة بالتخفيف فلو كان البول يزول بغيره لكان التخصيص منافيا للمراد انتهى وفي هذا الاستدلال نظر فان الظاهر أن قرض بني إسرائيل لحومهم انما فرضه الله عليهم من بول يصيب أبدانهم من خارج لان استنجاءهم من البول كان بقرض لحومهم فإنه يؤدي إلى انقراض أعضائهم في مدة يسيرة والظاهر أنهم لم يكونوا مكلفين بذلك والله سبحانه اعلم بحقايق احكامه وعدم اجزاء غير الماء في الاستنجاء من البول مما أطبق عليه علماؤنا كافة ويدل عليه الحديث السابع والثامن والخامس عشر أيضا وقوله عليه السلام في الحديث السابع يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار يعطي بظاهره وجوب اكمال الثلاثة وان حصل النقاء بما دونها كما يقتضيه لفظ الاجزاء وهذا هو المشهور بين الأصحاب وعليه العمل ونقل عن المفيد الاكتفاء بالواحد إذا حصل به النقاء وهو ظاهر الشيخ وابن حمزة واختاره العلامة في المختلف محتجا بان القصد إزالة النجاسة وقد حصلت فلا يجب الزائد وبان الزائد لا يفيد تطهيرا فلا مغنى لايجابه وبما تضمنه حديث ابن المغيرة وهو الحديث الثالث عشر من قوله عليه السلام حتى ينقى ما ثمة وربما يؤيد باطلاق قوله عليه السلام في الحديث الخامس عشر أعني حديث يونس ويذهب الغائط وفي هذه الأدلة نظر ظاهر اما الأول فلان كون القصد إزالة النجاسة مسلم ولكن لا على اي وجه اتفق بل على الوجه الذي جعله المشهور سببا في ازالتها ولم يثبت كون الأقل من الثلاثة سببا وقوله وقد حصلت ظاهر المنع بل هو عين المتنازع فيه والعجب أنه قدس الله روحه استدل على بطلان قول المرتضى رضي الله عنه بطهارة الجسم الصقيل كالمرآة بالمسح المزيل العين النجاسة بمثل ما قلناه هيهنا وأجاب عما استدل به من أن الموجب لنجاسة المحل بقاء عين النجاسة فيه وبالمسح يزول العلة بمنع المقدمة الأولى فان الطهارة والنجاسة حكمان شرعيان نعم ملاقاة النجاسة دليل وعلامة على الحكم الشرعي ولا يلزم من نفي الدليل والعلامة نفي المدلول هذا كلامه أعلى الله مقامه وهو بعينه منقلب عليه هنا واما دليله الثاني فهو يؤل في الحقيقة إلى الأول والجواب مشترك واما دليله الثالث ففيه ان الظاهر أن مراد ابن المغيرة بقوله للاستنجاء حدان يعين الإمام عليه السلام له منتهى عدد الغسلات والمسحات التي لا يجب على المكلف الاتيان بما يزيد عليها ولما لم يكن لها حد شرعي في طرف الزيادة لوجوب الزيادة على الثلث لو لم ينق المحل بها جعل عليه السلام حد ذلك انقاءه ولم يقل ثلث مسحات مثلا لاقتضائه عدم وجوب الزيادة عليها مطلقا واما حديث زرارة المتضمن للثلاثة الأحجار فلم يقع في جواب السؤال عن حد الاستنجاء بل الظاهر أن قوله عليه السلام يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار انما ورد لبيان أقل مراتب العدد الذي يحصل به التطهير كما يدل عليه لفظ الاجزاء والحاصل ان الظاهر من حديث زرارة تحديد عدد المسحات في جانب القلة ومن حديث ابن المغيرة عدم تحديدها في جانب الكثرة ولو كان المراد منه عدم التحديد في الجانبين معا لناقض حديث زرارة كما لا يخفى واما حديث يونس فهو من قبيل المطلق فيحمل على المقيد في جانب القبلة رفعا للتناقض بين الحديثين والله أعلم بحقايق احكامه ثم ظاهر قوله عليه السلام ثلاثة أحجار يعطي عدم اجزاء الواحد ذي الجهات إذ زوال النجاسة حكم شرعي يتوقف على سببه الشرعي وهو الثلاثة وهو مختار المحقق وجماعة من الأصحاب وذهب المفيد وابن البراج والعلامة وبعض المتأخرين إلى الاجزاء واستدل عليه في المختلف بان المراد بالثلاثة الأحجار ثلاثة مسحات بحجر كما لو قيل اضربه عشرة أسواط وبان المقصد إزالة النجاسة وقد حصل وبأنها لو انفصلت لأجزأت فكذا مع الاتصال وبأنه لو استجمر بذي الجهات ثلاثة لا جزء كل جهة عن حجر فكذا
صفحه ۳۴