ان كان قوله عليه السلام في ذلك الحديث ويمسح عليها ليس نصا في الاستيعاب بل هو من قبيل ما مر في الفصل الثالث من قوله عليه السلام يمسح على مقدم رأسه وقال الشيخ في المبسوط ان الاستيعاب أحوط ولعله ره لاحظ هذا وما تضمنه الحديث الخامس من قوله عليه السلام يمسح فوق الحناء محمول على الضرورة ويمكن حمله على أن المخضوب من رأسه انما كان أسفل المقدم أو على أن الخضاب كان بماء الحناء كما يقال لما صبغ بماء الحناء والزعفران صبغ بهما وهو غير حاجب عن المسح لكن على هذا الحمل يبقى الاشكال من جهة أخرى هي ان الظاهر خروج بلل المسح ح عن الاطلاق وههنا محمل رابع وهو ان يكون السائل أراد بقوله يخضب رأسه بالحناء انه يلونه به فان خضب بمعنى لون كما في القاموس وغيره فكأنه يسأل ان لون الحناء هل هو مانع من وصول الماء إلى الممسوح أم لا ويكون المراد من قوله عليه السلام يمسح فوق الحناء انه غير مانع ويستأنس لهذا الحمل بتعليل المفيد قدس الله روحه كراهة الاختضاب للجنب كما تضمنه بعض الأخبار بان اللون يمنع وصول الماء إلى البشرة وقول المحقق في المعتبر لعله نظر إلى أن اللون عرض وهو لا ينتقل فيلزم حصول اجزاء من الحناء في محل المنع للون ليكون وجود اللون بوجودها لكنها خفيفة لا تمنع الماء منعا تاما فكراهته لذلك وما تضمنه الحديث السادس من غسل الرجل اليد قبل ادخالها الاناء يظهر منه ان ذلك مقصور على الطهارة من الاحداث الثلاثة المذكورة لا من الريح ونحوه مثلا وان ذلك مشروط بما إذا كان الوضوء أو الغسل من اناء واسع الرأس يمكن الاغتراف منه فلو تطهر من إبريق مثلا لم يستحب ذلك وكذا لو تطهر من نهر مثلا أو من كر حملا للاناء على المتعارف وبعض الأصحاب مال إلى التعميم ولا باس به والظاهر أن المراد بالرجل في الأحاديث الواردة في هذا الباب كرواية حريز عن الباقر عليه السلام ورواية عبد الكريم عن الصادق عليه السلام وغيرهما هو مطلق الشخص فمع الحكم النساء أيضا إذ الظاهر أنه لا خصوصية للرجال بذلك والمراد من اليد في البول والغائط من مفصل الزند وفي الجنابة من المرفق وما تضمنه الحديث الثامن من الوضوء بمد والغسل بصاع مما انعقد اجماعنا على استحبابه ولعل المراد بالرطل الرطل المدني فإنه رطل بلده عليه السلام واعلم أن شيخنا الشهيد في الذكرى على أن ماء الوضوء لا يكاد يبلغ المد وقال بامكان حساب ماء الاستنجاء فيه واستدل على ذلك بما يظهر من رواية ابن كثير عن أمير المؤمنين عليه السلام ورواية الحذاء عن الباقر عليه السلام وقد تقدم الكلام في رواية الحذاء وظني ان كلامه هذا انما يتمشى على القول بعدم استحباب الغسلة الثانية وعدم كون المضمضة والاستنشاق من أفعال الوضوء الكامل واما على القول بذلك كما هو مختاره قدس الله روحه فلا فان المد على ما اعتبرناه لا يزيد على ربع المن التبريزي المتعارف في زماننا هذا بشئ يعتد به وهذا المقدار انما يفي بأصل الوضوء المسبغ ولا يفضل عنه شئ للاستنجاء فان ماء غسل اليدين كف أو كفان وماء كل من المضمضة والاستنشاق والغسلات الواجبة والمندوبة ثلث اكف فهذه ثلاثة عشرة أو أربع عشرة كفا وهذا ان اكتفى في غسل كل عضو بكف واحدة والا زادت على ذلك فأين ما يفضل للاستنجاء وأيضا ففي كلامه طاب ثراه بحث اخر وهو انه ان أراد بماء الاستنجاء الذي حسبه من ماء الوضوء ماء الاستنجاء من البول وحده فهو شئ قليل حتى قدر بمثلي ما على الحشفة وهو لا يؤثر في الزيادة والنقصان اثرا محسوسا وان أراد ماء الاستنجاء من الغائط أو منهما معا لم يتم استدلاله بالروايتين المذكورتين إذ ليس في شئ منهما دلالة على ذلك بل في رواية الحذاء ما يشعر بان الاستنجاء كان من البول وحده فلا تغفل وما تضمنه الحديث التاسع والعاشر هو مستند
صفحه ۲۷