هابرماس: مقدمه قصيره
يورجن هابرماس: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
كل شخص لديه القدرة على الكلام والفعل يسمح له بالمشاركة في الخطاب. (2) (أ) يسمح لأي شخص بالتشكيك في أي تأكيد أيا كان. (ب) يسمح لأي شخص بطرح أي تأكيد أيا كان ضمن الخطاب. (ج) يسمح لأي شخص بالتعبير عن آرائه ورغباته واحتياجاته. (3)
لا يجوز منع أي متكلم، سواء بإرغامه بقوة داخلية أو خارجية، من ممارسة حقوقه المنصوص عليها في البندين 1 و2 أعلاه. «الوعي الأخلاقي والفعل التواصلي»
يسمي هابرماس قواعد الخطاب «الفرضيات المسبقة البراجماتية » لأنها فرضيات مسبقة ضمنية لممارسة الخطاب. وقواعد الخطاب أقل شبها بقواعد لعبة تكوين الكلمات أو الشطرنج، المكتوبة في مكان ما، وأكثر شبها بقواعد النحو اللغوية. ويستطيع المرء أن يتبع هذه القواعد تماما دون أن يكون قادرا على التصريح بكنهها أو دون أن يدري أنه يتبعها. ويصر هابرماس على أن هذه الفرضيات المسبقة للخطاب «ضرورية»؛ وذلك لأنه لا أحد ممن يشارك في الخطاب - في عملية طرح الأسباب واستقبالها - يستطيع أن يتفادى افتراض هذه الفرضيات. إن الانخراط في الخطاب يستدعي أن يلتزم المرء بإخلاص النية، وأن يبرر ما يقول، وألا يناقض نفسه، وألا يستثني غيره من المشاركين، وما إلى ذلك. وهذه الفرضيات ضرورية من ناحية أخرى أيضا. فيما يتعلق بالفاعلين في المجتمعات الحديثة، لا يوجد بديل متاح للتواصل والخطاب كوسيلة لحل الصراعات؛ فهي وسيلة راسخة جدا في نسيج المجتمع، وفي شخصية الأفراد.
وأخيرا، فقواعد الخطاب «نزاعة إلى المثالية» من حيث إنها توجه المشاركين نحو النموذج المثالي للإجماع المدفوع بالعقلانية. إن الخطاب الذي يستمع فيه إلى كل المعنيين، والذي لا تستثنى أي حجة فيه من الاعتبار اعتباطيا، والذي تكون الغلبة فيه لقوة الحجة الفضلى وحدها؛ سيفضي، إذا باء بالنجاح، إلى إجماع على أساس أسباب مقبولة للجميع. وفي عالم الواقع حين يكون الوقت محدودا والمشاركون عرضة للخطأ، ستقرب الخطابات وحسب هذه المثل بدرجة أكبر أو أقل. ومع ذلك، فمن الممكن أن يكون لها أثر تنظيمي يتمثل في ضمان الإحاطة والشمولية وغياب الخداع والقسر. هذه المثل تنظيمية، لكنها أيضا حقيقية بقدر ما تكون ممارسة المحاجة الراسخة فيها هذه المثل حقيقية.
السؤال المتعلق بكيفية تحديد المرء لقواعد الخطاب صعب. يعتقد هابرماس أن المرء يستطيع أن يدلل على أن كل قاعدة فرضية مسبقة أصيلة لا مناص منها للخطاب بفعل التناقض الذاتي الأدائي. جمل مثل «الجو ممطر، لكنني لا أصدق ذلك» أو «الثلج أبيض، لكنه ليس حقيقيا أن الثلج أبيض» تنطوي على مفارقة؛ وذلك لأنه فور أن يلفظها المتكلم، فإنه يطرح ضمنا ادعاء بالصحة ينكره محتواها صراحة. ويزعم هابرماس بأن المعنى البراجماتي لمثل هذه الجمل يتعارض مع معناها الافتراضي. وفي سياق مماثل، يرى هابرماس أن عبارات مثل «وصلنا إلى إجماع مدفوع بالعقلانية باستبعاد أشخاص بعينهم من الخطاب» تحتوي على تعارض ذاتي أدائي. وبهذه الطريقة، فإن ذريعة الدحض الذاتي الأدائي يمكن استخدامها لتبرير القاعدة الأولى، وهكذا بالنسبة لكل قاعدة من قواعد الخطاب. ومن الممكن التحقق إن كانت إحدى القواعد هي بالفعل واحدة من قواعد الخطاب أم لا بالنظر إلى ما إذا كان إنكارها الصريح يولد دحضا ذاتيا أدائيا أم لا. (5) نظرة عامة على الصحة والحقيقة والصواب
إذا جمعنا الأجزاء كلها جنبا إلى جنب - أطروحة الإجماع والأطروحة العقلانية وفكرة الخطاب - فسنركز بقدر أكبر على المفهوم البراجماتي للصحة عند هابرماس. وأدق وسيلة وأكثرها جلاء يمكننا بها تحقيق ذلك هي المعادلة الشرطية التالية للصحة- الإجماع:
الصحة ←
الإجماع: فيما يتعلق بأي كلام ملفوظ «ك»، إذا كان «ك» صحيحا، فإن «ك» قابل للإجماع المدفوع بالعقلانية.
هذه المعادلة محاولة مني لأن أقدم على نحو أكثر شكلية بنية مبدأ الصحة عند هابرماس. لكن الأمر يستدعي الحذر؛ فلن تجد هذه المعادلة أو المعادلتين التاليتين في كتابات هابرماس. إنها مجرد طريقة موجزة جدا (آمل ذلك) ومفيدة للإحاطة بملاحظات هابرماس المبعثرة والمتشعبة نوعا ما عن الصحة والحقيقة والصواب، ولبيان العلاقة التي تربط كلا منها بالأخرى.
إن التلفظ بلفظ ذي مغزى أو التواصل هو طرح ادعاء بالصحة؛ أي إن المرء يقدم أسبابا يمكن أن يقبلها المشاركون في خطاب يدور وفق القواعد سالفة الذكر. لا يكتفي هابرماس بزعم أن الصحة، لا الحقيقة، هي المفهوم الكامن وراء نظرية المعنى فحسب، بل يذهب إلى أن الحقيقة نفسها يمكن فهمها كشرط من شروط تلك الفكرة العامة الكامنة عن الصحة. ما يعنيه هو أن مفهوم الحقيقة له نفس الصلة بالأسباب ونفس الوظيفة البراجماتية للوصول إلى الإجماع:
صفحه نامشخص