ففعلت مثل ذلك، فذهبا ثم أتيا عليها فأراداها على نفسها، فلما رأت أنهما أبيا أن يعبدا الصنم فقالت لهما: اختارا إحدى الخلال الثلاث: إما أن تعبدا هذا الصنم، وإما أن تقتلا هذا النفس، وإما أن تشربا الخمر فقالا: هذا لا ينبغى وأهون الثلاثة شرب الخمر، فشربا الخمر فأخذت منهما فواقعا المرأة فخشيا أن يخبر الإنسان عنهما فقتلاه، فلما ذهب عنهما السكر وعلما ما وقعا فيه من الخطيئة أرادا أن يصعدا إلى السماء فلم يستطيعا، وحيل بينهما وبين ذلك، وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء، فنظرت الملائكة إلى ما وقعا فيه، فعجبوا كل العجب وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية، فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض، فقيل لهما اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة فقالا: أما عذاب الدنيا فإنه ينقطع ويذهب، وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له فاختارا عذاب الدنيا فجعلا ببابل فهما يعذبان.
وأخرج ابن أبى حاتم عن مجاهد قال: كنت نازلا على عبد الله بن عمر في سفر، فلما كان ذات ليلة قال لغلامه: انظر طلعت الحمراء، لا مرحبا بها ولا أهلا ولا حياها الله هي صاحبة الملكين، قالت الملائكة: رب كيف تدع عصاة بنى آدم وهم يسفكون الدم الحرام، وينتهكون محارمك، ويفسدون في الأرض، قال: إنى قد ابتليتهم، فلعل إن ابتليتكم مثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذى يفعلون قالوا: لا، قال: فاختاروا من خياركم اثنين، فاختاروا: هاروت، وماروت فقال لهما: إنى مهبطكما إلى الأرض، وعاهد إليكما أن لا تشركا، ولا تزنيا، ولا تخونا، فأهبطا إلى الأرض وألقى عليهما الشبق وأهبطت لهما الزهرة في أحسن صورة امرأة، فتعرضت لهما فأراداها على نفسها فقالت: إنى على دين لا يصلح لأحد أن يأتينى إلا من كان على مثله، قالا: وما دينك؟ قالت: المجوسية، قالا: الشرك، هذا شىء لا نقربه، فمكثت عنهما ما شاء الله، ثم تعرضت لهما،
1 / 73