Guidance to True Belief and Refutation of the People of Polytheism and Atheism
الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد
ناشر
دار ابن الجوزي
شماره نسخه
الرابعة ١٤٢٠هـ
سال انتشار
١٩٩٩م
ژانرها
للشرك؛ فإنه إنما سبها لظنه أنها تضر وتنفع من دون الله. ومنها: أن السب إنما يقع على من فعل هذه الأفعال، وهو الله.
وإذا قال العبد عند هبوب الريح ما أرشده إليه النبي ﷺ بقوله: "إذا رأيتم ما تكرهون؛ فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به"؛ فقد لجأ إلى الله خالق الريح ومدبرها ومصرفها، وهذا هو التوحيد والاعتقاد السليم الذي يخالف اعتقاد الجاهلية.
وهكذا يكون المسلم دائما وأبدًا مع الأحداث؛ يرجعها إلى خالقها، ويسأله من خيرها، ولا يلقي باللوم عليها ويسبها ويفسرها بغير تفسيرها الصحيح، وليعلم أن ما أصابه من هذه الأحداث مما يكره إنما هو بتقدير من الله وتسليط لها عليه بسبب ذنوبه؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ ١، وقال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا....﴾ ٢ الآية وقال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ ٣، وقال تعالى: ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأولِي الأبْصَارِ﴾ ٤.
فالأمر كله راجع إلى الله؛ فالواجب حمده في الحالتين؛ حالة السراء وحالة الضراء، وحسن الظن به، والرجوع إليه بالتوبة والإنابة؛ كما قال تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ ٥، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ ٦.
هذا هو التفسير الصحيح لمجريات الأحداث؛ فالمؤمن يعلم أن ما أصابه مما يكره إنما هو بسبب ذنوبه، فيلقي باللوم على نفسه، لا على الدهر، ولا على
١ سورة الشورى، الآية ٣٠.
٢ سورة الروم، الآية ٤٨.
٣ سورة آل عمران، الآية ١٤٠.
٤ سورة النور، الآية ٤٤.
٥ سورة الأعراف، الآية ١٦٨.
٦ سورة الأعراف، الآية ١٣٠.
1 / 129