كتاب الغرباء من المؤمنين للعلامة المحدث أبي بكر محمد بن الحسين الاجري رحمه الله المتوفي سنة 360 ه تحقيق رمضان أيوب مكتبة ابن القيم المدينة النبوية ص. ب. 3615
صفحه ۱
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الثانية 1993 م - 1414 ه
صفحه ۲
قال عليه الصلاة والسلام، إن الاسلام بدا غريبا وسيعود كما بدأ غريبا.
فطوبى للغرباء قيل: ومن هم يا رسول الله؟
قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس.
صفحه ۳
بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وإمام المرسلين وعلى آله وصحبه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فإن الغربة في الاسلام ظاهرة حية باقية، نشأت وقت بعث النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الايمان، وعباده الواحد القهار، وينبذ ما سوى ذلك، ويبشر ببزوغ فجر جديد يطل بنوره على الانسانية أجمع.
وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم كانت البشرية ذات أديان شتى، واعتقادات مختلفة، فكان بينها اليهود والنصارى والمجوس وعباد الأوثان والشمس والقمر، وغيرهم من الملل والنحل، فلما بعث رسول الله كان من أسلم من كل حي أو قبيلة أو طبقة غريبا في حيه وقبيلته وأهله وعشيرته خائفا على دينه، مستخفيا بإسلامه، قد جفاه أهله وعشرته، ونبذوه وآذوه، فإذا هو بينهم مهان ذليل، محتمل لجفاهم، صابر على أذاهم، وكيف لا يكون المسلم كذلك وقد ابتلي في الدنيا بالفتنة إذ قال الله تعالى:
* (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) * (العنكبوت: 2، 3)، وقد تجلت هذه الفتنة بهجرة المسلمين الأوائل وصبرهم على أذى الكفار وجهادهم في سبيل هذا الدين ونشر العدل في الأرض بين الناس، إلى أن أعز الله تعالى الاسلام، وجعل كلمته هي
صفحه ۵
العليا وكلمة كفروا السفلى، فكثر أنصاره، وساد أهله، وقهر أهل الباطل وغلبوا، ومن هنا أخذت صفة الغربة نزول عن المسلمين.
ولكن سنة الله في خلقه لا بد أن تتحقق، فيقل المسلمون، ويهيمن أهل الباطل وتكون الغلبة لهم، فيأخذ الاسلام في الاغتراب والترحل، إلى أن يعود غريبا كما بدا.
والاسلام في وقتنا الحاضر هو أشد غربة منه في ابتدائه، حيث تنوعت الاسلام الغربة وصورها، وتعددت ألوانها واختلفت كثيرا عما قبل، مع كون أحكام الاسلام ومبادئه واضحة بارزة، إلا أن الحقيقة الاسلامية غريبة جدا، وأهلها غرباء بين الناس.
ومن وصف الغرباء أنهم يرتاحون إلى الخلوة، ويملون إلى الواحدة، ويستوحشون من جميع الناس فلا تطيب نفوسهم إلا بصحبة أمثالهم من الغرباء فإذا بهم ينعتون بالشذوذ تارة، لان الحق نهجهم، وبالمخالفة تارة أخرى، لان معظم الناس مالوا عن الحق.
وكيف لا يكون الغريب شاذا أو مخالفا بين قوم جعلوا المعروف منكرا، والمنكر معروفا، وملكتهم أهواؤهم وشهوات نفوسهم، فهم لها عبيد؟ وكيف لا يكون الغريب شاذا، وقد هجر الدنيا ونبذها وراء ظهره، وزهد في متعها ولذائذها، ولم يلتفت إلا إلى ما يقربه إلى رضاء الله ورضوانه، وجعل دأبه حياة أخرى آمن بها وعمل لها، وسهر لأجلها حين نام الغافلون، فاستطاب مرارة الصبر في الدنيا واستعذبها، لأنه أيقن أن مذاق الآخرة أحلى وأطيب؟!، وهذا الكتاب الذي بين الدنيا وبما هان فيها، حيث ارتفعت أرواحهم فوق الدنيا فرأوها صغيرة لا تعدل جناح بعوضة، وكرمت أخلاقهم وسمت فصارت شبه نبوته.
صفحه ۶
مقدمة التحقيق المؤلف هو: محمد بن الحسين بن عبد الله، البغدادي الاجري، أبو بكر، أصله من قرية غربي مدينة بغداد، تدعى درب الاجر، وكان مولده ونشأته فيها.
شيوخه:
تتلمذ الاجري رحمه الله على طائفة من العلماء الاجلاء، منهم:
- الشيخ الامام الحافظ المعمر، إبراهيم بن عبد الله بن مسلم بن ماعز، أبو مسلم البصري الكجي، صاحب السنن. وهو أكبر شيخ عنده. ولد سنة نيف وتسعين ومئة، وتوفي في بغداد سنة 292 ه، فنقل إلى البصرة ودفن بها.
الامام، شيخ القراء ببغداد، أبو العباس، أحمد بن سهل بن الفيزران الأشناني، برع في علم الأداء. توفي سنة 307 ه.
- الشيخ المحدث الثقة المعمر، أبو عبد الله، أحمد بن الحسن بن عبد الجبار بن راشد، البغدادي الصوفي الكبير، كان صاحب حديث وإتقان، ولد في حدود سنة 210، وتوفي سنة 306 ه.
صفحه ۷
- الامام الحافظ، الثبت، شيخ الوقت، جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض الفريابي، أبو بكر، كان من أوعية العلم ثقة مأمونا، وصنف التصانيف النافعة، وكان الواحد يحتاج أن يبيت في المجلس ليجد مع الغد موضعا، ولد سنة 207، وتوفي سنة 301 ه - الامام العلامة المقرئ المحدث الثقة، أبو بكر، القاسم بن زكريا بن يحيى البغدادي، المعروف بالمطرز، تصدر للإقراء وكان ثقة مأمونا، ولد في حدود سنة 220، وتوفي سنة 305 ه.
المحدث الثقة الزاهد، أو جعفر، أحمد بن يحيى بن إسحاق، البجلي الحلواني، ساكن بغداد، توفي سنة 296 ه.
- المحدث المتقن، أبو العباس، أحمد بن زنجويه بن موسى القطان، كان موثقا معروفا، توفي سنة 304 ه.
- الحافظ الامام، الحجة المعمر، مسند عصره أبو القاسم، عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان، البغوي الأصل، البغدادي الدار والمولد، كان ثقة، ولد سنة 214، وتوفي سنة 317 ه، ودفن يوم الفطر.
- الشيخ المحدث، المعمر المؤدب، أبو شعيب، عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، ولد سنة 206، وتوفي سنة 295 ه، وكان أسند من بقي فيها.
- الشيخ المحدث، الثقة الجليل، أبو محمد، خلف بن عمرو العكبري، ولد سنة 206، وتوفي سنة 296 ه.
صفحه ۸
- الامام العلامة الحافظ، شيخ بغداد، أبو بكر، عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني، صاحب التصانيف. كان من بحور العلم، بحيث إن بعضهم فضلة على أبيه صنف السنن والمصاحف وشريعة القارئ والناسخ والمنسوخ والبعث وأشياء. ولد بسجستان سنة 230، وتوفي سنة 316 ه.
تلامذته:
وقد روى عنه وتتلمذ عليه كثير من العلماء منهم:
- الامام الحافظ، الثقة العلامة، أبو نعيم، أحمد بن عبد الله بن أحمد، المهراني الأصبهاني، سبط الزاهد محمد بن يوسف البناء، وصاحب الحلية وله مصنفات أخرى كثيرة جدا، ولد سنة 336، وتوفي سنة 425 ه.
- الشيخ الامام، المحدث الصادق، الثقة الثبت الصالح، الواعظ المذكر، مسند العراق، أبو القاسم، عبد الملك، بن محمد بن عبد الله بن بشران، الأموي مولاهم البغدادي، صاحب الأمالي الكثيرة، ولد سنة 339، وتوفي سنة 430 ه.
- الشيخ العالم المعدل، قال الخطيب: كان تام المروءة، ظاهر الديانة، صدوقا ثبتا. ولد سنة 328، وتوفي سنة 415 ه.
- الشيخ الامام الفقيه، المحدث الصدوق، مسند الديار المصرية، أبو محمد، عبد الرحمن بن عمر، التجيبي المصري المالكي البزاز، المعروف بابن النحاس، ولد سنة 323، وتوفي سنة 416 ه.
صفحه ۹
- الامام المحدث، مقرئ العراق، أبو الحسن، علي بن أحمد بن عمر بن حفص الحمامي، البغدادي، قال الخطيب: كان صدوقا دينا فاضلا، تفرد بأسانيد القراءات وعلوها في وقته. ولد سنة 328، وتوفي سنة 417 ه.
- العالم الحافظ الرحال الثقة، أبو بكر بن أبي علي، أحمد بن عبد الرحمن، الهمداني الذكواني الأصبهاني المعدل، قال أبو نعيم: شهد وحدث ستين سنة، وجمع وصنف، وكان حسن الخلق، قويم المذهب. ولد سنة 333، وتوفي سنة 419 ه.
- الشيخ العالم الثقة، المسند أبو الحسين، محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل، البغدادي القطان، ولد سنة 335، وتوفي سنة 415 ه.
علمه وأقوال العلماء فيه:
قال عنه ابن النديم: الاجري، الفقيه، أحمد الصالحين العبادة.
وقال الخطيب: كان ثقة صدوقا دينا، وله تصانيف كثيرة.
وترجم له ابن خلكان وقال: الفقيه الشافعي المحدث صاحب كتاب الأربعين حديثا، وهي مشهورة، به، وكان صالحا عابدا.
وقال ياقوت: الفقيه الشافعي. وكان ثقة، صنف تصانيف كثيرة.
وذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة وقال: كان ثقة دينا عالما مصنفا.
وقال السبكي في طبقاته: الفقيه المحدث صاحب المصنفات.
وقال الذهبي في سيره: الامام المحدث القدوة شيخ الحرم الشريف. وكان صدوقا خيرا عابدا، صاحب سنة واتباع.
وقال السيوطي في طبقات الحفاظ: كان عالما عاملا صاحب سنة دينا.
نجد بعد استقراء هذه الأقوال أنه كان من العلماء العاملين، والفقهاء المحدثين،
صفحه ۱۰
ومن الحفاظ لكتاب الله تعالى، وقد أجمع الذين ترجموا له أنه كان الثقات، ومن المتمسكين بالسنة ومن المتبعين لها، ومن العلماء المصنفين الذين تركوا بصمات واضحة من علومهم في تراثنا الاسلامي الذي لا ينصب معينه ولا يغور.
مؤلفاته:
أولا - المطبوعة:
1 - أخلاق أهل القرآن، تحقيق محمد بن عبد اللطيف، بإشراف المكتب السلفي.
2 - أخلاق العلماء طبع مرتين، الأولى في القاهرة، 1931، والثانية في الرياض، مطبعة النصر الحديثة، حققه إسماعيل الأنصاري.
3 - أخبار عمر بن عبد العزيز، حققه د. عبد الله عسيلان، طبعته مؤسسة الرسالة.
4 - كتاب الأربعين حديثا، حققه بدر البدر، طبع بمكتبة المعلا في الكويت 1987، وحققه أيضا علي حسن عبد الحميد، ط 1، عمان، دار عمار، 1989.
5 - الغرباء وهو هذا الكتاب.
6 - تحريم النرد والشطرنج والملاهي، تحقيق محمد سعيد إدريس (ذكر هذا محقق أخلاق أهل القرآن).
7 - الشريعة، تحقيق محمد حامد الفقي، طبع في القاهرة، 1369 ه.
8 - كتاب التصديق بالنظر إلى الله تعالى، حققه سمير الزهيري، مؤسسة الرسالة، 1988.
صفحه ۱۱
ثانيا - المخطوطة:
9 - أدب النفوس، في الظاهرية، حديث 248 (الأوراق 23 - 29).
10 - كتاب الثمانين في الحديث، قال محقق: الأربعين حديثا (علي عبد الحميد): إنه قد بدأ بتحقيقه.
11 - جزء فيه حكايات الشافعي وغيره، في الظاهرية، مجموع 87 (الأوراق 47 - 50).
12 - فرض طلب العلم، في برلين 101 / الأوراق (87 - 101).
13 - الفوائد المنتخبة، في الظاهرية، مجموع 40 (الأوراق 93 - 110).
14 - وصول المشاقين ونزهة المستمعين، في بورسة 2067 / 1 (1 أ - 47 أ).
ثالثا - المفقودة: (أرقام الصفحات في مصادر الترجمة).
15 - كتاب أحكام النساء، ذكره (ابن النديم في الفهرست).
16 - كتاب أخلاق أهل البر والتقى. (ابن خير في فهرسته).
17 - كتاب أوصاف السبعة. (ابن خير).
18 - كتاب تغيير الأزمنة. (ابن خير).
19 - كتاب التفرد والعزلة. (الفاسي، وابن خير).
20 - كتاب التهجد. (الذهبي في السير وتذكرة الحفاظ وابن خير).
21 - كتاب التوبة. (ابن خير).
22 - كتاب حسن الخلق. (ابن خير).
23 - كتاب الرؤية. (الذهبي في سيره وتذكرته).
صفحه ۱۲
24 - كتاب رجوع ابن عباس عن الصرف. (ابن خير).
25 - كتاب رسالته إلى أهل بغداد. (ابن خير).
26 - كتاب الشبهات. (ابن خير).
28 - كتاب قصة الحجر الأسود وزمزم وبدء شأنها. (ابن خير).
29 - كتاب قيام الليل وفصل قيام رمضان. (ابن خير) 30 - كتاب فضل العلم. (ابن خير).
31 - كتاب مختصر الفقه. (ابن النديم).
32 - كتاب مسألة الطائفين. (الذهبي في السير والتذكرة).
33 - كتاب النصيحة. (ابن النديم، وابن خير).
وفاته: قال ابن خلكان: أخبرني بعض العلماء أنه لما دخل إلى مكة حرسها الله تعالى أعجبته، فقال: اللهم ارزقني الإقامة بها سنة، فسمع هاتفا يقول له: بل ثلاثين سنة، فعاش بعد ذلك ثلاثين سنة، ثم مات بها في المحرم سنة ستين وثلاث مئة، قال الخطيب: قرأت ذلك على بلاطة قبره بمكة.
وقال ابن الجوزي: قال أبو سهل محمود بن عمر العكبري: لما وصل أبو بكر، محمد بن الحسين الاجري إلى مكة استحسنها واستطابها فهجس في نفسه: أن اللهم أحيني في هذه البلدة ولو سنة، فسمع هاتفا يهتف ويقول: يا أبا بكر، لم سنة؟ ثلاثين سنة.
صفحه ۱۳
فلما كان في سنة ثلاثين سمع هاتفا يقول: يا أبا بكر قد وفينا بالوعد فمات في تلك السنة.
مذهبه:
تبين لي من عرض آراء العلماء فيه أنه كان على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، ولاحظت إجماع أكثر العلماء على ذلك خلا بعضهم، منهم ابن أبي يعلى في كتابه طبقات الحنابلة وأشار محققه إلى أن الرأي ما جزم به ابن خلكان وغيره. وقال الأسنوي: نازع بعضهم في كونه شافعيا، وادعى أنه حنبلي... وقد قال هذا بعد أن أكد كونه شافعيا.
مصادر ترجمته:
1 - الفهرست لابن النديم ص 268.
2 - تاريخ بغداد للخطيب 2 / 243.
3 - طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ص 332.
4 - الأنساب للسمعاني 1 / 94.
5 - فهرسة ابن خير الإشبيلي ص 285 - 286.
6 - وفيات الأعيان لابن خلكان 4 / 292.
7 - معجم البلدان لياقوت الحموي 1 / 51.
8 - سير أعلام النبلاء للذهبي 16 / 133.
9 - طبقات الشافعية للأسنوي 1 / 50.
10 - العقد الثمين للفاسي 2 / 4.
صفحه ۱۴
11 - طبقات الحفاظ للسيوطي ص 378.
12 - شذرات الذهب لابن العماد 3 / 35.
ما ألف في موضوع الكتاب:
1 - بعض أوراق في كتاب الاعتصام الجزء الأول، تبتدئ من الصفحة 18 وحتى الصفحة 24 لإبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي، وقد طبع هذا الكتاب في المكتبة التجارية في مصر بتحقيق محمد رشيد رضا، ومؤلفة: إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطي، أصول حافظ من أهل غرناطة، كان من أئمة المالكية. من كتبه المؤلفات في أصول الفقه وشرح الألفية سماه المقاصد الشافية في شرح خلاصة الكافية. توفي سنة 790 ه.
(انظر: اعلام للزركلي 1 / 57) وثمة مصادره.
2 - كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة لابن رجب، وقد طبع مرتين في مصر، آخرها، في المكتبة القيمة في القاهرة بتحقيق محمد أحمد عبد العزيز، ومؤلفة:
عبد الرحمن بن أحمد بن رجب السلامي البغدادي ثم الدمشقي، أبو الفرج، زين الدين. حافظ للحديث من العلماء. من كتبه: شرح جامع الترمذي وجامع العلوم والحكم في الحديث ، وهو المعروف بشرح الأربعين، وفضائل الشام وذيل طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ولد سنة 736 في بغداد، وتوفي في دمشق سنة 795 ه.
(انظر الاعلام 3 / 295) وثمة مصادره.
3 - بعض أوراق في كتاب مدارج السالكين الجزء الثالث وتبتدئ من ص 203 وتنتهي في ص 215 لابن قيم الجوزية، وقد طبع في بيروت، دار الكتب العلمية، 1983، ومؤلفة محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، أبو عبد الله، الشهير بابن قيم الجوزية، وهو أحد كبار العلماء لشيخ الاسلام ابن
صفحه ۱۵
تيمية حتى كان لا يخرج عن شئ من أقواله، وكان حسن الخلق محبوبا من الناس، له تصانيف كثيرة منها إعلام الموقعين وروضة المحبين وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح في ذكر الجنة، ولد في دمشق سنة 691، وتوفي فيها سنة 751 ه.
(انظر: اعلام 6 / 56) وثمة مصادره.
منهج التحقيق:
1 - وصف الشيخ:
1 - النسخة أ: وهي من محفوظات المكتبة الظاهرية بدمشق، برقم (4572 عام).
وقياسها (13 * 6 * 17) سم، وفي الصفحة 15، أو 16 سطرا، ويتراوح السطر بين 10، أو كلمة، وعدد أوراقها 26 ورقة، وهي مكتوبة بخط قديم معتاد مقروء. كتب العنوان بخط جليل على الغلاف هكذا: كتاب الغرباء وتحته عبارة وقف بمدرسة ضياء الدين بسفح جبل قاسيون وتحتها عبارة الحمد لله تكررت مرات ثلاث بشكل عامودي، وفي أعلى الغلاف: تملك أحمد بن طرخان وتحته سماع نصه: سماع محمد وأحمد ولدا أبي بكر محمد بن طرخان وأولاد العبد الفقير محمد وأحمد وفاطمة وخديجة، وأمهم وعلى هامش الورقة الأولى بيتان من الشعر كتبا صعودا، هما: (من الوافر).
وما من كاتب إلا سيبلى، ويبقى الدهر ما كتبت يداه فلا تكتب بكفك غير شئ * يسرك في القيامة أن تراه وقد اعتمدت هذه النسخة أصلا في عملي * وكان معولي في ضبط النص عليها في الغالب.
وفي النسخة عدد من السماعات بتواريخ مختلفة، أثبتها في نهاية الكتاب.
- النسخة ب: وهي أيضا من محفوظات الظاهرية، برقم (3764 مجاميع 27) قياسها (13 * 5، 17) سم، وعدد أوراقها 17 ورقة، وفي الصفحة ما بين 18 و 19)
صفحه ۱۶
سطرا، ويتراوح السطر بين 10، أو 11 كلمة، وهي نسخة قيمة رواها (كما روى النسخة أ ابن قدامة المقدسي، وسمعت عليه سنة 583، وكنت أكمل منها ما كانت تقصر عنه النسخة أ وكانت من أوقاف الضيائية أيضا، وكتب على الغلاف ما يلي:
وقف بالضيائية بدمشق على من ينتفع به من المسلمين، لا يعار إلا برهن، إلا أن يكون فقيرا صالحا ويقدم على الغني. وتحته سماع ليوسف بن عبد الهادي، وفي آخر الكتاب (الورقة 16 ب) كتب ما يلي: بلغ مقابلة مع الأصل المنسوخ منه في بلدة حلب حرسها الله من معتدين. كتب هذه النسخة محمد بن طولو بغا السيفي، المتوفي سنة 749 ه، وكان الانتهاء من نسخها: في نهار الأحد الثاني والعشرين من شهر ربيع الاخر سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة في دمشق. وفي آخر النسخة سماعات بتواريخ مختلفة.
وقد حقق الكتاب - معتمدا على هذه النسخة - الأستاذ بدر البدر، وتولت نشره دار الخلفاء للكتاب الاسلامي في الكويت سنة 1983، وقد وقع المحقق في أخطاء في أثناء قراءته للنصوص وضبطه، إياها، وسأذكر بعض الأمثلة منها:
فمثلا في (ص 37، الخبر 24) أورد البيت التالي:
فتى كأس فلم يأنس * على ما يعطب الناس وهذا البيت مطلع لقصيدة، وقد أخطأ المحقق حين قرأ فلم يأنس والصواب فيه: فلم ياس وهو ما يطلبه المعنى: وخطا آخر وقع فيه حين لم يثبت ألف الاطلاق في القصيدة نفسها.
وفي (ص 24، الخبر 8) أورد ما يلي:
وترى المؤمن في الدنيا غريبا مستفزا * فهو لا يجزع من ذل ولا يطلب عزا وتراه من جميع الخلق خلوا مشمئزا؟ * ثم بالطاعة ما عاش وبالخبر ملزا
صفحه ۱۷
فجعل بذلك كل بيت شطرا، وهي في الأصل أبيات أربعة، ومثل هذا وقع منه مرارا، وخاصة في الأبحر القصيرة، والأصل في الأبيات أن تكون كما يلي:
وترى المؤمن في الدنيا غريبا مستفزا... إلخ.
وفي (ص 28، الخبر 14) أورد ما يلي:
أخبرنا محمد، قال أنشدني إبراهيم بن محمد لبعض الحكماء في معنى سير الغريب وحده لطرق شتى:
طريق الحق منفرد... والسالكون طريق الحق أفراد فأخطأ أولا حين أثبت (لطرق) وصوابه: (الطرق) وأخطأ ثانيا حين حسب أن (الطرق شتى) مرتبطة بما قبلها، وهي أول البيت ، وصوابه:
الطرق شتى وطريق الحق منفرد * والسالكون طريق الحق أفراد وفي (ص 70، الخبر 50) أورد اسم حفص بن عمرو الربالي كما ورد في المخطوط خطا، وهو (عمرو)، وصوابه عمر، وتابع على الخطأ حين ذكر اسم حفص في فهرس الاعلام.
ووقع في مثل هذا الخطأ في (ص 75، الخبر 55) حين أورد اسم محمد بن يسار البزار خطا كما في المخطوط، والصواب: محمد بن ياسر البزاز، كما في تاريخ بغداد.
وفي (ص 29، الخبر 17 أورد البيت التالي:
إن الغريب وإن أقام ببلدة * يجبى الله خراجها لغريب فأخطأ في قراءة كلمة إليه في المخطوط وحسبها الله وهذا ما يأباه المعنى.
صفحه ۱۸
عملي في الكتاب:
اعتنيت بضبط النصوص والاعلام، وعزوت الأحاديث والاخبار والأقوال إلى مصادرها ما وسعني ذلك، وترجمت لبعض الاعلام، وشرحت ما غمض من الكلمات، وجعلت الزيادة التي من النسخة ب بين قوسين مضلعين [] وأعطيتها رقما. أما الزيادة التي اقتضاها السياق فجعلتها بين مضلعين من غير رقم، وتجاوزت كثيرا عن الفروق البسيطة التي لا فائدة من ذكرها، مثل الفاء بدل الواو، أو بالعكس، وعن أخطاء إملائية أو نحوية، وأشرت إلى بعضها في الحاشية وكان الاجري يذكر حينا بأبي بكر وحينا آخر بمحمد بن الحسين أو يذكر بهما معا، فتركت بيان ذلك، إلا ما ندر.
أما السماعات الواردة في النسختين فقد أثبتها جميعا في نهاية الكتاب، وقد غمض علي قراءة بعض الأسماء فيها، فأشرت إليها بقوسين بينهما إشارة استفهام، ووضعت للكتاب فهارس عامة.
وفي الختام فإنني لا أنسى أصحاب تلك الأيادي البيضاء التي أهدت إلي جميل عونها، فلهم جميعا، جزيل شكري الذي لا يسعهم، وأخص منهم الأستاذ إبراهيم صالح الذي حفزني لا حقق الكتاب، وكانت له نصائح أفدت منها، وأخي الأستاذ خير الله الشريف الذي كنت أستأنس به دائما، وكان يطمعني فيه هدوؤه وأريحيته فأسأله مرة إثر مرة، وحسبي أنني قد أخلصت النية وبذلت ما في الوسع، والله الموفق والهادي إلى الصواب.
دمشق عروس الشام.
في 7 / 7 / 1412 11 / 1 / 1992 رمضان أيوب
صفحه ۱۹
كتاب الغرباء تصنيف أبي بكر، محمد بن الحسين الاجري رحمه الله رواية أبي القاسم، عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران عنه.
رواية أبي طاهر، عبد الملك بن أحمد السيوري، وأبي غالب، محمد بن الحسين بن أحمد.
الباقلاني، عن ابن بشران.
رواية الشيخ الصالح الزاهد، أبي المكارم، المبارك بن أحمد بن المعمر البادرائي، عن أبي غالب، والشيخ أبي القاسم، هبة الله بن الحسن بن هلال الدقاق، عن أبي طاهر.
رواية الشيخ الامام العالم، موفق الدين، أبي محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، أيده الله، ووفقه لطاعته.
سماع منه لصاحب الكتاب محمد بن الفقيه طرخان رحمه الله ابن أبي الحسن بن عبد الله الحنبلي، ولأخيه محمود، جعلهما الله من عباده الصالحين، وغفر لهما، ولوالديهما ولجميع المسلمين، آمين.
صفحه ۲۰
وكذلك سمعه على شيخنا موفق الدين - أبقاه الله - ولداي أحمد، وحضر أخوه أبو بكر جبرهما، الله، وهو في السنة الثالثة.
وسمع معهما والدهما، محمد بن طرخان، بقراءة محي. الدين، عبد الرحمن بن الحافظ عبد الغني المقدسي قدس الله روحه في آخرين يذكرون، إن شاء الله في طبقة السماع في آخره، وذلك يوم السبت، سابع عشر ربيع الأول، سنة أربع عشرة وست مئة، بالجامع المظفري، عمره الله، بجبل قاسيون
صفحه ۲۱