ومثاله لو قدرنا في الشاهد كلاما باقيا وقدرنا أن الواحد منا اضمر في نفسه أن يقول لعبده ادخل السوق واشتر ثوبا فذلك الكلام الآن موجود وتقدير العبارة عنه إني أريد أن أقول لعبدي غدا أدخل السوق واشتر الثوب فإذا جاء الغد كان تقدير العبارة عنه يا عبدي أدخل السوق واشتر ثوبا فإذا مضى الغد فالرجل بعد على ما أضمر فيكون تقدير العبارة بأني قلت لعبدي أمس أدخل السوق وأشتر الثوب فالمعنى القائم بذاته في الأحوال كلها واحد والاختلاف يرجع إلى العبارة الدالة عليه لا على نفس المعنى كذي في وصوف كلامه
ومن شبهتهم أنهم قالوا القرآن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم والمعجزة لا تكون إلا أفعالا خارقة للعادة ولا يجوز أن تكون المعجزة قديمة إذ لو جاز ذلك لجاز أن يكون علمه القديم معجزة وسمعه القديم معجزة وهذا لأن القديم لا يختص ببعض المحدثين حتى يصير معجزة له فإذا ثبت كونه معجزة ثبت أنه مخلوق
فالجواب أن عندهم القرآن حين خلقه كان أصواتا ثم انقضت والمتلو والمحفوظ ليس بكلام الله تعالى ونفي كلامه اشنع مما ذكرنا
والجواب من مذهبهم أن ما تحدى به الرسول لم يكن كلام الله تعالى وإنما تحدى بمثله
وعندهم أن كل قارئ آت بمثل كلام الله تعالى وقد قال الله تعالى
ﵟقل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثلهﵞ
فأبطلوا المعجزة وكذبوا القرآن فظهر فساد قولهم
مسألة
كلام الله تعالى منزل على الحقيقة والدليل عليه ظاهر الآيات من كتاب الله تعالى مثل قوله
ﵟإنا أنزلناه قرآنا عربياﵞ
وقوله
ﵟالم تنزيلﵞ
وقوله
ﵟوكذلك أنزلناه قرآناﵞ
صفحه ۱۰۷