فلو قدرنا أن الله تعالى خلق هذه الحروف والأصوات على صورتها في بعض عبيده ضروريا بحيث لا يمكنه السكوت عنها فلا يخلو أما أن يقضي من سمع منه هذه الحروف بكونه متكلما أو لا يقضي به فإن قال يقضي بكونه متكلما فقد بطل أن يكون المتكلم من يفعل الكلام لأنه لا فعل من جهته ها هنا وإنما الفعل لله تعالى
وإن قال ذلك العبد غير المتكلم فقد جحد الشاهد لأنا نسمع منه الكلام كما نسمع منه إذا كان مختارا فبطل قولهم
ويقال لهم من أصلكم أنه عالم لنفسه فهلا قلتم أيضا أنه متكلم لنفسه فإن قالوا إنما لم نقل ذلك لأن الصفة النفسية يعم تعلقها إلا ترى أنه لما كان عالما لنفسه كان عالما بكل معلوم ونحن نعلم أنه ليس متكلم بكل كلام فإن لنا كلاما حقيقة وليس الله به متكلما
قلنا هذا باطل بالقدرة فإن عندهم الباري تعالى قادر لنفسه
ثم لا يتعلق قدرته عندهم بجملة المقدورات لأن أفعال العباد غير مقدورة لله تعالى على قولهم فبطل أصلهم بذلك
صفحه ۱۰۴