والجدل لا يبين به حق ولا تقوم به حجة وقد يكون الخصمان على مقالتين مختلفتين كلتاهما باطلة ويكون الحق في ثالثة غيرهما فمناقضة أحدهما صاحبه غير مصحح مذهبه وإن كان مفسدا به قول خصمه لأنهما مجتمعان معا في الخطأ مشتركان فيه كقول الشاعر فيهم
حجج تهافت كالزجاج تخالها
حقا وكل كاسر مكسور
وإنما كان الأمر كذلك لأن واحدا من الفريقين لا يعتمد في مقالته التي ينصرها أصلا صحيحا وإنما هو أوضاع وآراء تتكافأ وتتقابل فيكثر المقال ويدوم الاختلاف ويقل الصواب قال الله تعالى
ﵟولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراﵞ
النساء 82 فأخبر سبحانه أن ما كثر فيه الاختلاف فإنه ليس من عنده وهذا من أدل الدليل على أن مذاهب المتكلمين فاسدة لكثرة ما يوجد فيها من الاختلاف المفضي بهم إلى التكفير والتضليل وذلك صفة الباطل الذي أخبر الله سبحانه عنه ثم قال في صفة الحق
ﵟبل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهقﵞ
الأنبياء 18
صفحه ۴۱