32
الله عز وجل، فحينئذ يغضب ولا يقوم لغضبه شيء حتى ينتصر للحق، وإذا غضب أعرض وأشاح، وكان خلقه القرآن؛ فكان أكثر الناس تواضعا، يقضي حاجة أهله، ويخفض جناحه للضعفة، وما سئل شيئا قط فقال لا، وكان أحلم الناس، وكان أشد حياء من العذراء في خدرها، والقريب والبعيد والقوي والضعيف عنده في الحق سواء، وما عاب طعاما قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه، وكان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، ويكافئ على الهدية، ويخصف النعل، ويرقع الثوب، ويعود المريض، ويجيب من دعاه من غني أو فقير، ولا يحتقر أحدا، ويتكلم بجوامع الكلم، وكلامه بين يفهمه من سمعه، ولا يتكلم في غير حاجة، وكان متقللا من أمتعة الدنيا وقد أعطاه الله تعالى مفاتيح خزائن الأرض كلها فأبى أن يأخذها، وكان كل ضحكه التبسم، وضحك في أوقات حتى بدت نواجذه، ويحب الطيب، ويمزح ولا يقول إلا حقا، ويقبل عذر المعتذر إليه، وكانت معاتبته تعريضا، ويأمر بالرفق ويحث عليه، وينهى عن العنف، ويحث على العفو والصفح ومكارم الأخلاق، وكان مجلسه مجلس حلم وحياء وأمانة وصيانة وصبر وسكينة؛ لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن
33
فيه الحرم
34
أي لا يذكر فيه النساء بقبيح، ويصان مجلسه عن الرفث وما يقبح ذكره، يتعاطفون فيه بالتقوى ويتواصفون، ويوقر الكبار ويرحم الصغار، ويؤثرون المحتاج ويحفظون الغريب، ويخرجون أدلة على الخير، وكان يتألف أصحابه ويكرم كريم كل قوم، ويتفقد أصحابه، ولم يكن فاحشا ولا متفحشا، ولا يجزي بالسيئة السيئة بل يعفو ويصفح، ولم يضرب خادما ولا امرأة ولا شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، وقد جمع الله سبحانه وتعالى له كمال الأخلاق ومحاسن الشيم، وأتاه الله علم الأولين والآخرين وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب ولا معلم له من البشر، وأتاه لم يؤت أحدا من العالمين، واختاره على جميع الأولين والآخرين صلوات الله عليه دائمة إلى يوم الدين.
الزبير بن عبد المطلب
هو الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي عم النبي
صلى الله عليه وسلم ، وأمه فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي، وإخوته لأمه وأبيه عبد الله بن عبد المطلب أبو النبي
صلى الله عليه وسلم
صفحه نامشخص