وارتعدت فرائص صديق، وأيقن أن الحديث عنه، فتراجع عن مكانه حذرا أن يراه واحد من أخويه، حتى إذا اطمأن أنه ابتعد عن المكان تلمس طريقه إلى خارج الملاهي يبحث لنفسه عن ملجأ من قاتليه.
وراح يعدو يعبر الشارع المزدحم بالسيارات، فإذا بسيارة تصدمه ويغيب عن الوعي.
نزل راكب السيارة وحمله ووضعه في المقعد الداخلي، وأجلس زوجته بجانبه. وانطلق بالسيارة قبل أن يتجمع الناس حوله، وما لبثت السيدة أن قالت: قلبه ينبض، لا تخف. - أليس به جروح؟ - جرح بسيط بجبهته. - أنذهب إلى المستشفى؟ - لا داعي، اذهب بنا إلى البيت، ما الداعي للمستشفى و«س» و«ج»؟ الولد ليس به شيء. - هو الذي كان يجري. - هل نحن في تحقيق؟ اذهب إلى البيت.
وقبل أن يصلا إلى البيت كان صديق قد أفاق من غشيته، وتلفت حواليه غير مصدق أنه نجا. وسألته السيدة: الحمد لله على سلامتك. - من حضرتك؟ - ستعرف كل شيء. - وإلى أين نحن ذاهبون؟ - إلى بيتنا. - بيتكم أنتم؟ - نعم، أم تحب أن نذهب بك إلى بيتك؟ - بيتي! بيتي!
وتذكر صديق وتملكه الهلع، وصاح في عفوية وفي غير تدبر: أنا ليس لي بيت. - كيف؟ هل هناك أحد ليس له بيت؟
فقال في تلجلج: أقصد أنني لا أعرف بيتنا. - ما اسمك؟
ودون روية قال: صديق. - واسم أبيك؟
واسترد صديق وعيه وأدرك أنه يحاول أن يهرب، فسكت قليلا وقال: إبراهيم. - إبراهيم ماذا؟ - لا أدري. - وأين تسكن؟ - لا أدري. - كنت مع من في الملاهي؟
وأدركه الهلع وهو يتذكر، ووجد نفسه يقول: كنت ... كنت وحدي. - كيف؟ - لا أدري.
وأدرك الزوجان أن الطفل يخفي أمره في إصرار، وقالت الزوجة: أنت تأتي معنا إلى البيت ثم نبحث الأمر.
صفحه نامشخص