ونزل عليه الخبر في مفاجأة وعجب، وفكر قليلا ثم ما لبثت نفسه أن عادت إلى رشدها. وما العجب أن أفكارك وتخيلاتك لا تستطيع أن تفرض نفسها على الناس، وما دمت أنت لم تتقدم، فأي عجيبة أن يتقدم غيرك، وما دامت رحيمة تنهي إليه خبر العريس وما دامت هند واجمة. - إني أخطب إليك هند وأبلغي داود أفندي، ومستعد للزواج فورا.
وانبسط ما كان معقدا على وجه رحيمة: هل أنت جاد؟! - وهل في هذا هزل؟ - وأختي؟ أتظنها توافق؟ - من المؤكد أنها ستوافق، فأي أم لولدي خير من هند؟ - نعم، ستوافق على بركة الله.
ودخلت هند بالقهوة وعاجلتها أمها: ارجعي بالقهوة وهات الشربات لعريسك.
وابتسمت هند وأطرقت في خجل لا صنعة فيه، وعادت لتأتي بالشربات.
الآن سار الأمر في طريقه الصحيح.
5
قال لولديه: إني سأتزوج.
وقال عبد الغني: ألم نكبر على الزواج؟ - من تقصد بالكبر؟ أتقصدني أم تقصد نفسك وأخاك؟ - أقصد الجميع. - أما عني فكثيرون تزوجوا لأول مرة وهم في مثل سني. أما عنكما فلو كنت تزوجت وأنتما صغيران لقيل لكما: أتى لكما بامرأة أب تعذبكما، فإذا انتظرت حتى تصبحا شابين يستطيع كل منكما أن يقوم بشأن نفسه قلت: إنكما كبرتما. وقال عبد الودود: والخلاصة؟ - الخلاصة أنني سأتزوج وضميري مستريح، والخلاصة يا قليل الأدب أن على الإنسان في هذه الحياة أن يرضي ربه ويرضي ضميره ويتوكل على الله، ومن يرض بعد ذلك فليرض، ومن يغضب فليغضب، اغربا عن وجهي.
وفي استخذاء خرج الابنان حتى إذا أمنا العيون والآذان قال عبد الغني: فليتزوج ألف مرة، المهم ألا يأتي لنا بأبناء يشاركوننا في الأرض والثروة.
وقال عبد الودود: ما دام سيتزوج، فالطبيعي أن يأتي بأولاد. - طيب، فليأت هو بهم وسترى ماذا أنا فاعل. - وماذا يمكن أن تفعل؟ - كل شيء بأوانه. - ألا أعرف؟ - وهل سيعرف إلا أنت؟! سترى. •••
صفحه نامشخص