غذاء الألباب در شرح منظومه الآداب

Muhammad ibn Ahmad al-Saffarini d. 1188 AH
44

غذاء الألباب در شرح منظومه الآداب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

ناشر

مؤسسة قرطبة

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

۱۴۱۴ ه.ق

محل انتشار

مصر

ژانرها

عرفان
فَإِنَّ الْعِلْمَ يَدُلُّ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَقْرَبِ الطُّرُقِ إلَيْهِ، فَمَنْ سَلَكَ طَرِيقَهُ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَنْهُ وَصَلَ إلَى اللَّهِ وَإِلَى الْجَنَّةِ مِنْ أَقْرَبِ الطُّرُقِ وَأَسْهَلِهَا فَسَهُلَتْ عَلَيْهِ الطُّرُقُ الْمُوصِلَةُ إلَى الْجَنَّةِ كُلُّهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. انْتَهَى. وَقَدْ عَلِمْنَا مِنْ قَوْلِ الْحَافِظِ كَمَا قِيلَ مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ إلَخْ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَدِيثٍ وَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ ﷺ كَمَا فِي الْبَيْضَاوِيِّ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْآدَابِ الْكُبْرَى لِلْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ مُفْلِحٍ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ ذَكَرَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «مَنْ عَمِلَ بِمَا يَعْلَمُ وَرَّثَهُ اللَّهُ تَعَالَى عِلْمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ» قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ عَقِبَ ذَلِكَ: ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هَذَا الْكَلَامَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ عَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﵇، فَوَهِمَ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنَّهُ ذَكَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ. وَقَوْلُ النَّاظِمِ سَأَبْذُلُهَا جَهْدِي يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ سَأَبْذُلُ الْأَمَانَةَ جَهْدِي كَمَا قَدَّمْنَا، وَجَهْدِي مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مَعْمُولٌ أَوْ عَامِلٌ مَحْذُوفٌ أَيْ بَالِغًا فِي بَذْلِهَا جَهْدِي. وَيُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدٍ أَنَّهُ أَرَادَ سَأَبْذُلُ لَهَا أَيْ لِلْأَمَانَةِ فِي الْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ وَوَضْعِهَا فِي مَوَاضِعِهَا جَهْدِي. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْجَهْدُ فِي بَذْلِهَا، وَعَلَى الثَّانِي الْجَهْدُ مَفْعُولًا ثَانِيًا وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ. وَبَذَلَ لَا يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ بَلْ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، وَالْجَهْدُ الطَّاقَةُ وَيُضَمُّ وَالْمَشَقَّةُ، وَاجْهَدْ جَهْدَك اُبْلُغْ غَايَتَك. وَجَهَدَ كَمَنَعَ جَدَّ كَاجْتَهَدَ. وَأَفَادَ كَلَامُهُ ﵀ أَنَّ الْعِلْمَ عِنْدَ الْعَالِمِ وَدِيعَةٌ وَمِثْلُ كَلَامِهِ مَا فِي دِيبَاجَةِ الْإِرْشَادِ لِلْإِمَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى. أَعَانَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ عَلَى رِعَايَةِ وَدَائِعِهِ وَحِفْظِ شَرَائِعِهِ. وَقَدْ عُلِمَ ضَرُورَةً أَنَّ الْوَدِيعَةَ يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ حِفْظُهَا. وَمِنْ جُمْلَةِ حِفْظِ الْعِلْمِ الَّذِي أَوْدَعَهُ اللَّهُ عِنْدَ حَامِلِهِ أَنْ يَمْتَثِلَ أَمْرَ اللَّهِ فِيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْدَعَ الْعِلْمَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ وَأَمَرَهُمْ بِبَذْلِهِ لِلنَّاسِ، وَتَوَعَّدَهُمْ عَلَى كِتْمَانِهِ فَقَالَ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ [البقرة: ١٥٩] وَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [البقرة: ١٧٤] الْآيَةَ. وَقَالَ ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢] .

1 / 51