236

غذاء الألباب در شرح منظومه الآداب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

ناشر

مؤسسة قرطبة

ویراست

الثانية

سال انتشار

۱۴۱۴ ه.ق

محل انتشار

مصر

وَلَا بُدَّ لِوُجُوبِ رَفْعِهِ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ مِنْ شَرْطٍ ثَانٍ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إذَا كَانَ ذَا) أَيْ هَذَا (الْإِنْكَارُ) الَّذِي أَنْكَرَهُ (حَتْمٌ) أَيْ وَاجِبُ الْإِنْكَارِ مَجْزُومُ (التَّأَكُّدِ) بِأَنْ كَانَ حَرَامًا مَحْضًا أَوْ تَرْكَ وَاجِبٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ مَنْدُوبًا أَوْ الْفِعْلُ مَكْرُوهًا فَإِنَّهُ لَا يُرْفَعُ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ فَرْضِ الْعَيْنِ وَالْكِفَايَةِ، فَمَتَى وَجَبَتْ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ وَلَمْ تُمْكِنْهُ رَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ:
مَطْلَبٌ: فِي كَسْرِ الدُّفِّ
وَلَا غُرْمَ فِي دُفِّ الصُّنُوجِ كَسَرْته ... وَلَا صُوَرٍ أَيْضًا وَلَا آلَةِ الدَّدِ
(وَلَا غُرْمَ) أَيْ لَا ضَمَانَ (فِي دُفٍّ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتُفْتَحُ وَجَمْعُهُ دُفُوفٌ وَإِنَّمَا يَنْتَفِي الضَّمَانُ فِي الدُّفِّ ذِي (الصُّنُوجِ) جَمْعُ صَنْجٍ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: شَيْءٌ يُتَّخَذُ مِنْ صُفْرٍ يُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ، انْتَهَى. فَإِذَا كَانَ الدُّفُّ ذَا صُنُوجٍ فَلَا غُرْمَ عَلَيْك إذَا (كَسَرْته) لِعَدَمِ إبَاحَتِهِ، وَمِثْلُ الصُّنُوجِ الْحِلَقُ وَالْجَلَاجِلُ، نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى عَدَمِ ضَمَانِهِ.
وَأَمَّا الدُّفُّ الْعَارِي عَنْ ذَلِكَ فَيُبَاحُ لِلنِّسَاءِ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ، لِأَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ إنْ رَجَعَ النَّبِيُّ ﷺ سَالِمًا ضَرَبَتْ عَلَى رَأْسِهِ بِالدُّفِّ، فَقَالَ: «أَوْفِي بِنَذْرِك» . وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ لِأَنَّ فِيهِ تَشْبِيهًا بِالنِّسَاءِ.
وَأَمَّا فِي النِّكَاحِ فَيُسَنُّ الضَّرْبُ فِيهِ لِلنِّسَاءِ لِقَوْلِهِ ﷺ «فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ غَيْرَ أَبِي دَاوُد. وَلَا يُكْرَهُ لِقُدُومِ غَائِبٍ وَخِتَانٍ وَنَحْوِهِمَا، بَلْ يُسَنُّ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ. (وَلَا) غُرْمَ فِي (صُوَرٍ) جَمْعُ صُورَةٍ (أَيْضًا) مَصْدَرُ آضَ إذَا رَجَعَ.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْأَيْضُ الْعَوْدُ إلَى الشَّيْءِ وَصَيْرُورَةُ الشَّيْءِ غَيْرَهُ وَتَحْوِيلُهُ مِنْ حَالَةٍ إلَى حَالَةٍ وَالرُّجُوعُ، وَآضَ كَذَا صَارَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ أَيْضًا، إذَا فَعَلَهُ مُعَاوِدًا. فَمَعْنَى قَوْلِ النَّاظِمِ أَيْضًا يَعْنِي الْمُعَاوَدَةَ إلَى عَدَمِ الضَّمَانِ فِي كَسْرِ الصُّورَةِ كَمَا لَا ضَمَانَ فِي كَسْرِ الدُّفِّ الْمُصَنَّجِ.
مَطْلَبٌ: فِي عِظَمِ وِزْرِ الْمُصَوِّرِينَ وَكَسْرِ الصُّورَةِ
وَقَدْ جَاءَ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ مِنْ النَّبِيِّ الْمَجِيدِ ﷺ فِي عِظَمِ وِزْرِ الْمُصَوِّرِينَ وَتَهْوِيلِ ذَلِكَ.

1 / 243