غذاء الألباب در شرح منظومه الآداب
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
ناشر
مؤسسة قرطبة
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٤١٤ هـ / ١٩٩٣م
محل انتشار
مصر
[المقدمة]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَبِهِ ثِقَتِي وَعَلَيْهِ تَوَكُّلِي الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ، وَخَلَقَ لَهُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْقُوَى وَالْجَوَارِحَ وَالْبَنَانَ، وَشَرَّفَهُ بِمَعْرِفَتِهِ، وَأَهَّلَهُ لِخِدْمَتِهِ، وَفَضَّلَهُ عَلَى سَائِرِ الْحَيَوَانِ، وَاخْتَصَّهُ بِالنَّهْيِ وَالْأَمْرِ، وَالْوِزْرِ وَالْأَجْرِ، وَالطَّاعَةِ وَالْعِصْيَانِ، وَمَنَحَهُ الْحِلْمَ وَالْحَزْمَ، وَالْفِكْرَ وَالْفَهْمَ، وَالذِّكْرَ وَالْعِلْمَ، وَالتَّحَقُّقَ وَالْعِرْفَانَ، وَنَحَلَهُ الرِّضَى وَالْغَضَبَ، وَالتَّوَدُّدَ وَالْأَدَبَ، وَالتَّلَطُّفَ وَالْأَرَبَ، وَالرِّقَّةَ وَالْجَشْبَ، وَالرَّاحَةَ وَاللَّغْبَ، وَالتَّذَكُّرَ وَالنِّسْيَانَ. سُبْحَانَهُ مِنْ إلَهٍ خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، وَأَمَاتَ وَأَحْيَا، وَأَعْطَى وَمَنَعَ، وَخَفَضَ وَرَفَعَ، وَأَتَمَّ الدِّينَ، وَأَعْلَنَ الْبُرْهَانَ. حَدَّ الْحُدُودَ، وَعَمَّ بِالْفَضْلِ الْوُجُودَ، وَبَيَّنَ الْأَحْكَامَ مِنْ مُبَاحٍ وَحَلَالٍ وَحَرَامٍ، وَمَكْرُوهٍ وَمَنْدُوبٍ، فَانْدَرَجَ فِيهَا الْأَدَبُ الْمَطْلُوبُ، فَفَضَّلَ هَذَا الدِّينَ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا ضِدَّ وَلَا نِدَّ، وَلَا وَزِيرَ وَلَا مُشِيرَ وَلَا أَعْوَانَ، بَلْ هُوَ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ، الْفَرْدُ الصَّمَدُ، الْمُنَزَّهُ عَنْ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ، فَهُوَ الْقَادِرُ الْمُقْتَدِرُ الْحَكِيمُ الدَّيَّانُ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ، وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ، وَشَهِيدُهُ عَلَى أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، خُلَاصَةُ الْأَكْوَانِ، وَسَيِّدُ وَلَدِ عَدْنَانَ، الَّذِي أَكْمَلَ خَلْقَهُ، وَعَظَّمَ خُلُقَهُ، وَوَضَعَ عَنْهُ وِزْرَهُ، وَرَفَعَ لَهُ ذِكْرَهُ، وَأَدَّبَهُ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهُ، فَكَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، وَأَيَّدَهُ بِالْوَحْيِ وَالتَّنْزِيلِ، وَالْفَضْلِ وَالتَّفْضِيلِ، وَالْبَيَانِ وَالتَّفْصِيلِ، وَالْحِكْمَةِ وَالتَّأْوِيلِ، وَالْحُسْنِ وَالْإِحْسَانِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَشَرِّفْ وَعَظِّمْ وَبَجِّلْ وَكَرِّمْ، وَضَاعِفْ ذَلِكَ عَلَى هَذَا النَّبِيِّ الْكَرِيمِ، الْمَنْعُوتِ فِي الْكِتَابِ الْقَدِيمِ، بِأَعْظَمِ نَعْتٍ وَأَتَمِّ تَفْخِيمٍ، بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ٤] فَيَا لَهَا مِنْ مَزِيَّةٍ سَادَ بِهَا عَلَى
1 / 9