غاية المرام في علم الكلام

Saif al-Din al-Amidi d. 631 AH
12

غاية المرام في علم الكلام

غاية المرام

پژوهشگر

حسن محمود عبد اللطيف

ناشر

المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

محل انتشار

القاهرة

أَن يُقَال بِالْأولِ فَإنَّا كُنَّا لَا نشعر بهَا فِي مبدأ نشوئنا وَلَو كَانَت حَاصِلَة لما وَقع الذهول عَنْهَا إِذْ هُوَ متناقض وَإِن قيل بِالثَّانِي فإمَّا يُقَال حصلت بِالدَّلِيلِ أَو بِغَيْر دَلِيل فان كَانَت بِالدَّلِيلِ فَلَيْسَتْ بديهية وَإِن كَانَت من غير دَلِيل فاختصاص حُصُولهَا بِزَمَان دون زمَان هُوَ مِمَّا لَا حَاصِل لَهُ وَأما قَوْلكُم إِن مَا وجد بعد الْعَدَم لَا بُد وَأَن يكون وجوده لغيره وَإِلَّا لما كَانَ مَعْدُوما قبل فَلَو كَانَ وجوده لغيره لم يخل إِمَّا أَن يكون ذَلِك الْغَيْر دَائِما عِلّة أوحدث كَونه عِلّة فَإِن كَانَ دَائِما عِلّة وَجب أَلا يتَأَخَّر وجود معلوله عَن وجوده وَأَن لَا يكون مَسْبُوقا بِالْعدمِ وَإِن حدث كَونه عِلّة فَالْكَلَام فِي تِلْكَ الْعلَّة كَالْكَلَامِ فِي معلولها وهلم جرا وَهَذَا يُؤدى إِلَى أَن لَا يكون مَعْدُوما وَلَا مَسْبُوقا بِالْعدمِ وَهُوَ محَال أَو إِلَى علل ومعلولات لَا تتناهى وَلم تَقولُوا بِهِ وَإنَّهُ لَو افْتقر الْحَادِث فِي حَال حُدُوثه إِلَى مُحدث لافتقر الْمَعْدُوم فِي حَال عَدمه إِلَى معدم وَهُوَ مُمْتَنع لِأَن مَا اقْتضى الْعَدَم إِمَّا نفس مَا اقْتضى الْوُجُود أَو غَيره لَا جَائِز أَن يكون نَفسه فَإِن مَا اقْتضى وجود شئ لَا يقتضى عَدمه وَإِن كَانَ غَيره فَذَلِك الْغَيْر إِمَّا وَاجِب بِذَاتِهِ أَو لغيره فَإِن كَانَ وَاجِبا بِذَاتِهِ أدّى إِلَى اجْتِمَاع واجبين وَهُوَ محَال كَمَا سَيَأْتِي كَيفَ وَيلْزم أَن يكون الشئ الْوَاحِد مَوْجُودا ومعدوما مَعًا لتحَقّق مَا يقتضى كل وَاحِد مِنْهُمَا وَهُوَ مُمْتَنع وَإِن كَانَ وَاجِبا لغيره فَذَلِك الْغَيْر اما أَن يكون هُوَ نفس مَا أوجب الْحُدُوث أَو غَيره فَإِن كَانَ نَفسه فيستحيل أَن يُوجب بِذَاتِهِ مَا يقتضى عدم مَا يَقْتَضِيهِ وجوده بِذَاتِهِ وَإِن كَانَ غَيره فيفضى إِلَى اجْتِمَاع واجبين هُوَ مُتَعَذر وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَو افْتقر إِلَى موجد لم يخل إِمَّا أَن يكون موجدا لَهُ فِي حَال وجوده أَو فِي حَال عَدمه فَإِن كَانَ موجدا لَهُ فِي حَال وجوده فَهُوَ محَال إِذْ الْمَوْجُود لَا يُوجد وَإِن كَانَ موجدا لَهُ فِي حَال عَدمه فَهُوَ محَال أَيْضا ظَاهر الإحالة وَلَو سلمنَا أَن مَا وجد بعد الْعَدَم لَا بُد وَأَن يكون وجوده بِغَيْرِهِ لَكِن لَا إفضاء لَهُ إِلَى أثبات وَاجِب الْوُجُود مَعَ كَون الْخصم قَائِلا بعلل ومعلولات إِلَى غير النِّهَايَة

1 / 16