وَقعت صلَاتهم فرضا أَيْضا وَإِذا سقط الْفَرْض بِالْأولَى كَيفَ يَقع غَيرهَا فرضا لِأَن عبارَة الْمُحَقِّقين أسقط الْحَرج عَن البَاقِينَ أَي لَا حرج عَلَيْهِم فِي ترك هَذَا الْفِعْل فَلَو فَعَلُوهُ وَقع فرضا كَمَا لَو فَعَلُوهُ مَعَ الْأَوَّلين دفْعَة وَاحِدَة وَأجِيب عَنهُ أَيْضا بِأَن فرض الْكِفَايَة قِسْمَانِ أَحدهمَا مَا يحصل بِفِعْلِهِ تَمام الْمَقْصُود مِنْهُ وَلَا يقبل الزِّيَادَة كَغسْل الْمَيِّت وتكفينه فَهَذَا هُوَ الَّذِي يسْقط بِفعل الْبَعْض وَالثَّانِي تتجدد مصْلحَته بتكرار الفاعلين لَهُ كالاشتغال بِالْعلمِ وَحفظ الْقُرْآن وَصَلَاة الْجِنَازَة إِذْ مقصودها الشَّفَاعَة فَهَذَا كل أحد مُخَاطب بِهِ وَإِذا فعله يَقع فرضا سَوَاء أتقدمه غَيره بِفِعْلِهِ أم لَا ثمَّ مثل فرض الْكِفَايَة بقوله (كرد تَسْلِيم من الْجَمَاعَة) أَي كرد تَسْلِيم الْمُسلم الْوَاحِد على الْجَمَاعَة فيكفى فِي جَوَابه رد مُكَلّف وَاحِد مِنْهُم فِي إِسْقَاط الْإِثْم عَنْهُم بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ السَّلَام على وَاحِد فَقَط فَإِن رده فرض عين فَإِذا تَركه أَثم هُوَ وَحده (وَالسّنة المثاب من قد فعله وَلم يُعَاقب امْرُؤ إِن أهمله) أَي أَن السّنة من حَيْثُ وصفهَا بهَا مَا يُثَاب فَاعله عَلَيْهِ وَلَا يُعَاقب على تَركه فَشَمَلَ قَوْله المثاب من قد فعله الْفَرْض وَالسّنة وَخرج بِهِ الْحَرَام وَالْمَكْرُوه والمباح وَخرج بِمَا بعده الْوَاجِب (وَمِنْه مسنون على الْكِفَايَة كالبدء بِالسَّلَامِ من جمَاعَة) أَي أَن السّنة تَنْقَسِم إِلَى سنة عين كالوتر وَصَلَاة الْعِيدَيْنِ وَإِلَى سنة كِفَايَة وَقد مثل لَهَا بابتداء السَّلَام من جمَاعَة وَأَشَارَ بِالْكَاف إِلَى عدم الْحصْر فَمِنْهُ الْأَذَان وَالْإِقَامَة وتشميت الْعَاطِس وَالْأُضْحِيَّة وَالتَّسْمِيَة عِنْد الْأكل من جمَاعَة وَكَذَا مَا يفعل بِالْمَيتِ مِمَّا يسن كتوجيهه للْقبْلَة وتغميض عَيْنَيْهِ وَشد لحييْهِ وتثليث غسله ولفائفه وتوضيئه وتغسيله بسدر أَو خطمى وَغير ذَلِك مِمَّا يكثر تعداده وَأَحْكَام السَّلَام كَثِيرَة فابتداؤه على كل مُسلم وَلَو صَبيا سنة عين إِن كَانَ الْمُسلم وَاحِدًا وَسنة كِفَايَة إِن كَانَ جمَاعَة ورده وَلَو كَانَ الْمُسلم صَبيا فرض عين إِن كَانَ الْمُسلم عَلَيْهِ وَاحِدًا مُكَلّفا وَفرض كِفَايَة إِن كَانَ جمَاعَة وَشَرطه ابْتِدَاء وردا إسماع لَهُ واتصال كاتصال الْإِيجَاب بِالْقبُولِ فَإِن شكّ فِي سَمَاعه زَاد فِي الرّفْع فَإِن كَانَ عِنْده نيام خفض صَوته بِحَيْثُ لَا يوقظهم والقارىء كَغَيْرِهِ فِي ندب السَّلَام عَلَيْهِ وَوُجُوب رده بِاللَّفْظِ وَلَا يكفى رد صبي وَمَجْنُون مَعَ وجود مُكَلّف وَلَا رد غير الْمُسلم عَلَيْهِم وَيجب الْجمع بَين اللَّفْظ وَالْإِشَارَة على من رد على أَصمّ وَمن سلم عَلَيْهِ جمع بَينهمَا وتجزيء إِشَارَة الْأَخْرَس ابْتِدَاء وردا وصيغته ابْتِدَاء السَّلَام عَلَيْكُم أَو سَلام عَلَيْكُم ويجزىء عَلَيْكُم السَّلَام مَعَ الْكَرَاهَة وَتسن صِيغَة الْجمع فِي السَّلَام على الْوَاحِد لأجل الْمَلَائِكَة وَيحصل أصل السّنة فِيهِ بِالْإِفْرَادِ وَالْإِشَارَة بِهِ بِلَا لفظ خلاف الأولى وَلَا يجب لَهَا رد وَالْجمع بَينهَا وَبَين اللَّفْظ أفضل وصيغته ردا وَعَلَيْكُم السَّلَام أَو وَعَلَيْك السَّلَام للْوَاحِد وَكَذَا لَو ترك الْوَاو فَإِن عكس جَازَ وَلَا يجزىء وَعَلَيْكُم فَقَط وتعريفه أفضل وَزِيَادَة وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ابْتِدَاء وردا أكمل وَإِن سلم كل على الآخر مَعًا لزم كلا مِنْهُمَا الرَّد أَو مُرَتبا كفى الثَّانِي سَلَامه رد أَو إِن سلم عَلَيْهِ جمَاعَة كَفاهُ وَعَلَيْكُم السَّلَام بقصدهم وَينْدب أَن يسلم الرَّاكِب على الْمَاشِي والماشي على الْوَاقِف وَالصَّغِير على الْكَبِير والقليل على الْكثير فِي حَالَة تلاقي فَلَو عكس لم يكره وَيسلم الْوَارِد مُطلقًا على من ورد عَلَيْهِ وَيكرهُ تَخْصِيص الْبَعْض من الْجمع بِالسَّلَامِ ابْتِدَاء وردا وَيسن السَّلَام للنِّسَاء مَعَ بَعضهنَّ وغيرهن إِلَّا مَعَ الرِّجَال الْأَجَانِب فَيحرم السَّلَام على الْأَجْنَبِيّ من الشَّابَّة ابْتِدَاء وردا ويكرهان عَلَيْهَا وَلَا يكره سَلام الْجمع الْكثير من الرِّجَال عَلَيْهَا وَيسن ابْتِدَاء السَّلَام من الْعَجُوز وَجمع من النسْوَة على غَيْرهنَّ وَعَكسه وَيجب الرَّد كَذَلِك وَلَو سلم بالعجمية جَازَ إِن أفهم الْمُخَاطب وَلَا يبْدَأ بِهِ فَاسِقًا وَلَا مبتدعا وَلَا يردهُ عَلَيْهِمَا إِلَّا لعذر وَلَا يجب رده على مَجْنُون وسكران وَيحرم ابْتِدَاء الْكَافِر بِهِ فَإِن بِأَن من سلم عَلَيْهِ كَافِر فَلْيقل لَهُ استرجعت سلامي وَإِن سلم الذِّمِّيّ على مُسلم قَالَ لَهُ وَعَلَيْك وَيجب اسْتِثْنَاؤُهُ
1 / 23