أسماء المشخصين وبيانهم
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
أسماء المشخصين وبيانهم
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
غرائب الصدف
غرائب الصدف
تأليف
سليم خليل النقاش
أسماء المشخصين وبيانهم
إميل:
تاجر فرنساوي من قاطني الهند.
ماريا:
امرأته.
لويزا:
ابنته.
ألفريد:
ابنه صغير السن.
ألبرت:
أمير البحر، شاب فرنساوي.
شارل:
جنرال إنكليزي.
سسل:
شقيقته.
فقير هندي:
متوسط العمر.
سنكرام سنك:
ابن أمير الهند.
دونا:
خادمة بيت إميل.
نوتيان فرنساويان.
جوق عسكر إنكليزي.
جوق هندي.
الفصل الأول
(ليلا.) (ضوء القمر متخلل بين الشجر على أرض البستان في رواق بيت إميل مطلا على البستان، وماء جار.)
الجزء الأول (ماريا ولويزا (أمام طاولة خياطة تشتغلان على نور قنديل)، وألفريد (وحده يلعب على ناحية من الرواق).)
لويزا :
أربع سنوات ولا خبر ...
ماريا :
حقا، انقطاع أخباره عنا كل هذه المدة أمر عجيب.
لويزا :
مع أنه كان وعدني أن يحرر لي كل شهر مرة، ولم يصلني منه سوى تحرير واحد يفيدني فيه أنه مطلوب إلى الحرب، وقد طالعت الجرائد الحربية ولم أقف له فيها على أثر، فاشتد لذلك بلبالي. آه يا ربي!
ماريا :
إني أشاركك في حاسياتك يا ابنتي، كذلك عاقة أبيك إلى الآن شغلت فكري، فقد توجه من أربع ساعات إلى دلهي ليشكو إلى الحاكم عصيان العبيد الهنود، ولم يرجع بعد، فأخاف أن يكون صدفه اللصوص في الطريق.
ألفريد :
ماما، ماما ... رجع بابا (ويركض فيتعلق على عنق أبيه) .
الجزء الثاني (ماريا - لويزا - ألفريد - إميل)
إميل :
بابا حبيبي ألفريد.
ماريا :
شغلت فكري يا إميل.
إميل :
لا ... لا يوجد ما يشغل الفكر، إن عاقتي مسببة عن أني بعد مقابلتي الحاكم التقيت صدفة بسر شارل صاحبي الإنكليزي، فأفادني أنه يترقب مقابلتي من مدة مديدة لعرض أمر مهم، ثم قال لي هذه الكلمات، وهي: إنني من حين نظرت ابنتك السيدة لويزا، وذلك منذ أربع سنوات تملك حبها قلبي، وقد كتمت أمري إلى الآن؛ لعلمي بأنها مخطوبة إلى صديقي ألبرت أمير البحر الفرنساوي الشهير، ولم أبح بسري هذا أولا؛ لكون ألبرت صديقي، ثانيا لعلمي بأن ابنتك تحبه حبا شديدا، فلم أكن أقبل أن أطلبها وأرد خائبا. إنما الآن حيث مضت أربع سنوات ولم يسمع عن ألبرت خبر، فأتجاسر وأتقدم طالبا يدها، وفي هذا المساء أتشرف لزيارتك في البيت وأخاطبكم بهذا الخصوص، وأؤمل أن تجيب طلبي!
لويزا :
وماذا أجبته؟ (إميل) :
أجبته أن هذا الأمر متعلق بك، وقبلت زيارته لنا هذه الليلة، فسيحضر الآن مع شقيقته سسل ويطلبك. فعلي أن أفيدك عن أحواله شيئا، والباقي عليك. فاعلمي أنه شاب مهذب كريم الأخلاق، حائز رتبة كولونيل إنكليزي، شريف الأصل، كامل الحسب والنسب، وأجمل صفاته التي تجعلك أن تميلي إليه أنه يحبك حبا مفرطا، فأظن أنك حسنا تفعلين بإجابة طلبه.
لويزا :
وألبرت؟
إميل :
على ما يلوح لي أن ألبرت قد تناساك، فلم يعد يستحقك، فادخلي الآن مع والدتك وأعدا شيئا ما لاستقبالهما، وتخابرا بخصوص طلبه.
الجزء الثالث
إميل (إميل) :
آه كم أشتهي التخلص من كل أشغالي وتعلقاتي في هذه البلاد وأرجع إلى فرنسا وطني العزيز! آه يا وطني المحبوب، ولا سيما حيث زادت الاضطرابات في هذه الأيام وقل الأمان في الطرق، ويلوح لي أن الهنود مضطربون غاية الاضطراب، وربما يعمدون إلى الدسائس لقلب الحكومة الإنكليزية. فكم كنت أشتهي أن أسافر قبل أن يحدث شيء مكدر. إنما ما الحيلة وأموالي بين أيدي الفلاحين، ويلزمني على الأقل ستة شهور لأجل جمعها! ولكن أرى أني كلما اجتهدت لتخليص أشغالي هنا لكي أسافر إلى فرنسا ازدادت تعلقاتي في هذه البلاد، وعلى الخصوص إذا تم نصيب ابنتي لويزا على سر شارل. في الحقيقة إنه نصيب حسن، ويلزمني أن أفرغ جهدي بأن أجعلها تقبله؛ وذلك مراعاة لمستقبلها، حتى لو بقيت في هذه الديار وتركتها أنا وسرت إلى فرنسا. فإنها إذا تزوجت بسر شارل لا خوف عليها من مهاجمات الهنود؛ فإن السر شارل يحميها بصفة كونه حاكم هذه المقاطعة، وربما يتقدم فيصير حاكم الهند أجمع. أما أنا فبالوقت الحاضر حياتي في خطر عظيم، فإن بيتي هنا منفرد عن المدينة ويبعد عنها أكثر من مسافة ساعة زمان، وهذا ما يزيدني ارتباكا (يبهت قليلا)،
الله موجود، فهو يحمينا ويلهمنا إلى ما به خيرنا (ويذهب) .
الجزء الرابع (في صالون الاستقبال في بيت إميل، سنكرام بصفة خادم في بيت إميل يرتب وينظف مفروشات الصالون.)
سنكرام :
قد آن آن الانتقام، ولا بد أن أخلص إخوتي ووطني من رق العبودية. نعم يا إخوتي اليوم يوم الخلاص، اليوم يومنا، فسنجعله يوما تتذكره الأحقاب الآتية، ويقولون: سنكرام خلص الوطن من العبودية والأسر، سنكرام سنك الأمير سنكرام، نعم أيتها الأجيال المقبلة، سيكون لي على صفحات تاريخك ذكر تقشعر منه أبدان مطالعيه، وترتجف فرائصهم خوفا. آه، مدة مديدة من الزمان وأنا أخدم من لا أرضاهم لي عبيدا، وأكتم أمري وأنتظر حلول الساعة، فاستعدوا يا إخوتي الهنود المساكين، فقريبا يأتي الوقت الذي نشن به الغارة على الأغراب جميعا ونهجم عليهم بوقت واحد من كل أطراف الهند حسبما صار الاتفاق بيننا، ونرفع نيرهم عن عاتقنا، ونكسو الأرض من دمهم حلة أرجوانية:
آه من ظلمين في الدنيا هما
شر ما الإنسان فيه يظلم
حاكم يظلم في أتباعه
وعيون في الهوى لا ترحم
آه يا لويزا، كم أقاسي لأجلك من العذاب، وقد طال علي الوقت!
الجزء الخامس (سنكرام - لويزا)
لويزا :
سنكرام، هل أحضرت كل شيء؟
سنكرام :
نعم يا سيدتي. (لنفسه)
آه عن قريب أصير أنا سيدك، وأشفي غليلي بالتملي من حسنك الفتان. آه من العشق فإنه قتال (يذهب) .
الجزء السادس (لويزا تتكي على كرسي حزينة.)
لويزا :
عذب البعد فؤادي والفؤاد
ما جنى ذنبا سوى حفظ الوداد
أيها المعرض عني لو ترى
حالتي ذبت ولو كنت جماد
أنت يا ألبرت عني مشغل
تتناساني وترضى بالبعاد
وأنا مشغلة عن كل ما
فيه ألهو عنك يا كل المراد
فسنيني أربع قضيتها
بانتظار العود ليت القرب عاد
من ترى يعلم هل أنت على
ما أنا اليوم عليه من سهاد
كدت من سقمي على فرقتنا
لا أرى والسقم في جسمي كاد
هل تقاسي ما أقاسيه ترى
أم سلوت الحب بعد الابتعاد
ربما أنت صحيح وأنا
حالتي ميم وراء ثم ضاد
من ترى يعلم ما أنت به
يا إلهي إهدني سبل الرشاد
الجزء السابع (لويزا - إميل وماريا يتسمعان إليها).
لويزا :
ألبرت ألبرت هل في الهجر منفعة
أم باللقاء علينا حرم الله
القلب يرعى عهودا بيننا حصلت
والعين شاخصة بالنجم ترعاه
إميل :
وهذا ما يجعلني أجتهد بسرعة زواجها، فإن مرآها على هذه الحالة يحزنني جدا، فلا بد أنها متى تزوجت تنس حبها لألبرت أو تستبدله بحب سر شارل، فهو أيضا أهل لودادها، ويليق بها.
لويزا :
من ذا يرى ما أقاسي في محبتكم
ولا يرق لحالي عند مرآه
القلب في قلق والعين جارية
والجسم في سقم والشوق أضناه
إميل :
ها هو آت مع شقيقته.
ماريا :
قومي يا ابنتي نستقبل ضيوفنا. (تجفل لويزا.)
الجزء الثامن (لويزا - ماريا - إميل - شارل - سسل) (سلام بالأيدي بين الجميع.)
سسل وشارل :
لياليكم سعيدة.
لويزا وماري وإميل :
أهلا وسهلا، تفضلوا.
لويزا :
تفضلي بالقرب مني يا عزيزتي.
سسل (تجلس بقربها) :
آه لو تسمحين لي أن أدعوك شقيقتي، لكنت أعد ذاتي سعيدة.
لويزا :
حقا إني في غاية الاحتياج إلى محبة أخوية كهذه تخفف أشجاني.
شارل :
اسمحي لي أيتها السيدة أن أجلس بالقرب منك.
لويزا :
تفضل.
سسل :
وأنا اسمحا لي أن أسامر الخواجا إميل والسيدة ماريا برهة.
شارل (بصوت مرتجف) :
لويزا، انظري إلي قليلا، فنظرة منك تكفيني. أقال لك أبوك عن حاسات قلبي الودادية، وأني منذ أربع سنين أكتم حبي في صدري حتى الآن، فبحت أمامك بما كنته ضمائري، ولو رمت أن أخفيه لما استطعت.
أروم كتم الهوى لكن فؤادي إن
شام استتارا فلا يحظى بمأربه
فإن ماء الحيا والحال تشهد لي
لقد ترقرق في وجهي فنم به
على أني يا لويزا ألتمس منك أن تقبليني أسيرا لديك، وبذلك تتمين سعادتي. ولم أتجرأ قبل الآن على كشف سري لعلمي بما كان بينك وبين صاحبي ألبرت من العهود. (لويزا تتأثر وتتنهد.)
ما بالك تتنهدين لدى ذكر ألبرت ؟ هذا ما كان يرجعني عن إباحة سري، وإني خاطبتك الآن بكل صراحة، وأرجو أن تجيبيني بالمثل.
إميل :
أنا أرغب من كل قلبي.
لويزا (بعد أن تنبهت برهة) :
سيدي أنا أيضا أحب التصريح، فأقول إن طلبك يدي أمر تحسدني عليه حتى البنات اللواتي هن أعظم مني حسبا ونسبا وحسنا ومالا، وكنت أعد ذاتي سعيدة لو أمكنني الحصول على نصيب حسن كهذا، إنما قد عهدت فلا أنقض العهد، ووعدت فلا أخلف الوعد، وشهامتك تصادق لي على هذا المبدأ الحميد.
شارل :
لويزا، لويزا، إن مقالك هذا يوريني حسرة لا تزول إلا باقتراني بك، فإني كلما ازدادت عندي معرفة ما انطويت عليه من حسن الطباع وكرم الأخلاق والتهذيب، زدت تمسكا بك وتشوقا لأن تكوني شريكة حياتي. وما تظهرين من حفظ الوداد والعهود أحمده ولا أحمده؛ فأحمده لكونه حلية النساء ونادرتهن، ولا أحمده فيك إلا لكونه يعيقني عن بلوغ آمالي منك! فتأكدي أني أحبك وأدوم في حبك حتى الممات، وكم يسرني حفظك لوداد صديقي ألبرت. إنما يا لويزا ألبرت من أربع سنين لم يرد لك منه خبر، ولا وقفت له على أثر، فلو كان باقيا على عهده لكان يراسلك. وإني أعلم أن هذا الكلام يجرح قلبك، ولكني أرى ذاتي مضطرا للتفوه به، فإما أن يكون قتل في الحرب، أو أنه يكون تناساك وتزوج بسواك، وكلا الأمرين يمكنانك من قبول يدي ... تأملي سيدتي وصدقي كلامي ودعينا في هذه الليلة عينها نتم أفراحنا كما اتفقت مع والدك.
لويزا :
آه، لا يمكن أن يخونني ويهوى سواي.
شارل :
فإذن قتل.
لويزا :
وربما هو حي.
شارل :
ولماذا لا يراسلك وقد مضى الآن أربع سنوات؟
لويزا :
وهذا ما يحزنني.
شارل :
لويزا، إنك عاهدت ألبرت وحسنا فعلت، إنما ما الفائدة من حفظك لعهده؟ فها إني أتجرأ وأقدم لك يدي بحضرة أبيك وأمك، فإن تعطفت بقبولها أكون مدينا لك بالسعادة التي أتأملها وإلا فأقطع الرجا ...
إميل :
لويزا، يا ابنتي، إني أرى كلام السر شارل كله في محله.
سسل :
لله يا حبيبتي، لا ترجعينا بالخيبة والفشل.
لويزا :
آه، شارل، هاك يدي (وتبكي) .
شارل (باكيا) :
آه ... آه على هكذا حفظ وداد، فلتتعلم النسا كيف يمتلكن قلوب رجالهن ويجلبن سرور بيتهن.
إميل :
دعونا الآن، فليس وقت البكا، واستعدوا للوليمة في البستان ليكمل سرورنا.
سسل :
اسمحي لي يا شقيقتي أن أدخل برفقتك وألبسك ملابس العرس التي أنت في غنى عن زينتها (تأخذها في يدها وتمضي) .
إميل :
اذهبي ماريا وأعطي الأوامر اللازمة لتحضير الوليمة في البستان (تمضي) .
الجزء التاسع (إميل - شارل)
شارل :
في الحقيقة إن صفات ابنتك نادرة.
إميل :
وأنت أيضا يا سيدي نادر بكرم أخلاقك، فأسأل الله أن يوفقكما لكي تعيشا بسلام.
الجزء العاشر (إميل - شارل - سنكرام)
سنكرام :
سيدي، هذا تحرير لك أحضره أحد ضباط الحربية. (يعطيه التحرير ويقف على ناحية.)
شارل :
دعه يدخل. (شارل يقرأ.)
سنكرام (لنفسه) :
آه، تمموا الاقتران وفي هذه الليلة لا بأس، لا لا، لا أترك تعب مدة كهذه يذهب سدى، ففي هذه الليلة أجري العمل وأخلص قومي وآخذ من لأجلها أحتمل الذل والعذاب. آه يا لويزا! (يذهب) .
شارل (للضابط) :
قل لهم إني أحضر عند نصف الليل إلى القلعة، وليحضروا كل شيء حسب الأوامر التي حضرت ويكونوا مستعدين، وأرسلوا لي في الحال نحو عشرين من العساكر لأني في حاجة إليهم. اذهب. (يذهب الضابط.)
الجزء الحادي عشر (إميل - شارل)
إميل :
خير إن شاء الله، أن يكونوا مستعدين إلى أي شيء يا ترى؟
شارل :
هذا أمر من الحاكم العام، به يخبرني أنه اكتشف على بعض دسائس الهنود، وينبهني إلى التيقظ دائما، وألا أفارق القلعة، وأن أحصنها جيدا.
إميل :
يا لله، وكيف تكون حالتنا ونحن على هذا الانفراد على مسافة أكثر من ساعة من دلهي؟
شارل :
عندي رأي، وهو أننا بعد الوليمة قبل نصف الليل نرحل إلى القلعة ونتحصن فيها؛ لأن الهنود أشرار لا يهابون الموت ولا عندهم رحمة.
ألفريد (يدخل) :
بابا على الباب فقير، فاسمح بدخوله.
إميل :
أدخله يا ولدي. (فيذهب ألفريد نحو الباب.)
إميل :
يا للمصيبة.
فقير (من الخارج منشدا) :
أحسنوا للفقرا لا تبخلوا
إنما الله يحب المحسنين
وارحموا المسكين حتى تؤجروا
واغنموا يا سادتي أجرا ثمين
إميل (يعطيه) :
خذ. (يظهر الفقير، يأخذ من إميل ثم ينشد.)
الجزء الثاني عشر (إميل - شارل - فقير)
فقير :
إني لأشكر فضلكم طول المدى
لا عاش من ينسى الجميل ويكفر
ما جئت أقرع باب مرحمة لكم
إلا وأرجع منكم أتشكر
ولذاك قد وجبت مكافأتي لكم
فأنا أبوح بما رأيت وأخبر
فتيقظوا في ذا المسا لا بد أن
تجري أمور جمة فتحذروا
لا تطلبوا التفصيل عما قلته
أخبرتكم حبا بكم فتفكروا (ويذهب مسرعا.)
إميل :
تعال، اصبر، تعال. (الفقير يذهب بدون أن يجيب ويتبعه ألفريد.)
الجزء الثالث عشر (إميل - شارل)
إميل :
ذهب. أسمعت ما قال؟ فهذا مما يوقع في الارتباك، فكيف العمل؟
شارل :
أنا فكري في غاية الراحة من هذا القبيل، فإن الهنود لا يمكنهم النهوض من انكسارهم أبدا، وربما ما نسمعه هو من فعل شرذمة منهم، وهذا لا يخيف، ومع ذلك نتحضر، وبعد الوليمة نسير إذا شئت إلى القلعة أو إلى دلهي، وهناك نكون في أمان تام، وهنا أيضا ما علينا من خوف، خصوصا بعد مجيء العساكر الذين أرسلت أطلبهم الآن لأجل المحافظة علينا. فكيف كان الأمر يقدرون أن يحمونا إذا حدث شيء لوصول المدد إلينا. وخلا ذلك فأنا لا أظن أنه يحدث شيء كما قدمت، فلا تشغل بالك.
إميل :
كيف لا أشغل بالي
بعد هذا الخبر
شارل :
يا صديقي لا تبالي
لا أرى من خطر
إميل :
ينبغي أنا نحاذر
اختشاء الافتضاح
شارل :
سوف تأتينا العساكر
كلهم تحت السلاح
1
إميل :
إنما الهنود في الوغى
فوارس تسبي
شارل :
لا تخف فما فيهم
مجرب الحرب
إميل :
تزايد في قلبي الوجل
شارل :
دع الوهم عنك كن بطل
ولا ترتبك بالعمل
إميل :
كيف يا ترى لا أهاب
وقد زاد بي الاضطراب
وجار على قلبي
الفصل الثاني
(في البستان الذي ظهر في الفصل الأول ذاته، وتظهر جدران البستان والعساكر الإنكليزية واقفة حول الجدران للحرس على مسافة جزئية بعضهم من بعض، وفي وسط البستان مائدة وعليها أواني الأكل والمشروب والزهور وغيره مما يناسب الوليمة، والجميع جالسون حول المائدة إلا العساكر وسنكرام الذي يكون واقفا على ناحية لأجل الخدمة.)
الجزء الأول (ألفريد - إميل - ماريا - لويزا (بزينة عرس) - شارل - سسل - سنكرام - عسكر)
الجميع :
دارت بنا الأفراح فالبشرى لنا
واجلوا كئوس الراح طفحى بالهنا
هذا هو اليوم السعيد لقد دنا
بالسعد والإقبال يجمع شملنا
فاستقبلوه واغنموا نيل المنى
واجلوا كئوس الراح طفحى بالهنا
دارت بنا الأفراح فالبشرى لنا
واجلوا كئوس الراح طفحى بالهنا
يا ما أحيلاها أويقات الصفا
والدهر أشرق وجهه ولنا صفا
ووفى وحاشانا العناد وأنصفا
فاجلوا كئوس الراح طفحى بالهنا
1
إميل :
ونشرب جميعنا بسر العروس والعريس. (يشربون وتشتغل الموسيقى لحنا ما.)
سنكرام (لنفسه) :
اشربوا، اشربوا وأنا أخدمكم، ولكن قد أتت الساعة التي بها أنتم تخدمونني، فلم يعد لكم خلاص من يدي، فآخذ بثأري وأخلص بلادي وقومي وأحصل على فاتنتي لويزا، ورفاقي لا بد أن يكونوا مستعدين، فافرحوا وانشرحوا.
إميل :
أغالط ذاتي، إنما الخوف أخذ مني كل مأخذ، فقد شغل فكري كلام ذاك الفقير لا سيما بعد ورود ذاك الأمر لسر شارل.
شارل :
لا لا، لا تشغل بالك، وإذا - لا سمح الله - حدث شيء، فعندنا العساكر الذين رتبناهم حول جدران البستان يدافعون عنا.
سنكرام :
آه، ما بال أفكاري قلقة ونفسي مضطربة، مع أني من أبسل الرجال في القتل، وقد تعودت خوض المعارك وشرب الدماء، ولم يبق حب الانتقام في قلبي محلا لحساسيات أخرى، بل قد شغل بحب الانتقام وحب لويزا فتجاذباه، لكنهما قد اتحدا، وهذا ما يسرني.
إميل :
لم يزل فكري غير مطمئن، فلو كنا نذهب إلى دلهي ...
شارل :
لم يزل معنا وقت إلى نصف الليل، وإذا شئت نذهب حينئذ.
سنكرام (لنفسه) :
آه يا لها ساعة مهولة، ترتعد لذكرها الفرائص! وإني أتصورها والدم جار والنار مضرمة والنساء باكيات منشورات الشعور. يا لها ساعة مخيفة! انهض يا أبي، انهض من القبر، فقد أتت ساعة إدراك الثأر. إني أتصورك نصب عيني مزدانا بحلتك الملوكية ملطخا بالدم تطالبني بأخذ ثأرك ممن قتلوك وحرموني الملك من بعدك. قم من بين الأموات الآن والبث متفرجا على ما يجريه ابنك سنكرام لإدراك ثأرك. كفاك تعنفني على تهاوني، فلم يكن حان الحين بعد، هلم الآن وانظر الأهوال، فقسما بقبة مجد الإله فيشنو لأضرمن النار في البيوت وأرملن النساء وأيتمن الأولاد، ولأجعلن من العدى ذبيحة أقدمها للآلهة قربانا. ظننتم يا أهل الغرب أن أولاد الهند قد خمدت نيران حماستهم؟ لا، فأنتم في ضلال، فإن نارهم مشبوبة وعظام أجدادهم في ألحادها تطلب الانتقام صارخة؛ الانتقام الانتقام. (من داخل تقرع الساعة)
هذا هو الوقت المعين، فلنذهب.
الجزء الثاني (إميل - شارل - ماريا - لويزا - سسل - ألفريد)
شارل :
إن السرور الذي حصلت عليه هذه الليلة لا أقدر أن أشرحه، وهل يمكن أن يحصل الإنسان على سعادة أكثر من التي حصلت عليها، فاسمحوا لي إذن أن نشرب بسر إلفتنا هذه (الموسيقى تشتغل هنا قليلا) .
الجميع :
هذا بسر ودادنا
فيه انشراح فؤادنا
فزنا بنيل مرادنا
وقضى الزمان بما نريد
يا من رأى شمس الجمال
زفت إلى بدر الكمال
هذا اقتران فيه زال
عنا العنا وأتى بعيد
دارت بنا كأس الطلا
والسعد فينا هللا
فلنا سرور أكملا
يا حسنه يوما سعيد
الجزء الثالث (إميل - شارل - ماريا - لويزا - سسل - ألفريد - دونا - عسكر إنكليزي)
دونا :
سيدي داركوا الأمر في الحال قبل فوات الفرصة، فإن سنكرام دخل الآن وترك ثياب الخدمة وتردى بثياب حربية فاخرة، وتقلد السلاح الكامل وخرج، فالتقاه قوم من الهنود قائلين: الانتقام الانتقام. وسمعته يتكلم معهم عنكم ويتوعدكم.
الجميع :
يا للخيبة! (يسمع عن بعد ضجة عظيمة وإطلاق نار.)
الجميع :
يا لله!
شارل :
لا تخافوا، لا تخافوا. (للعسكر)
تحضروا أيها الأبطال، واحفظوا مراكزكم.
لويزا وسسل (بكل خوف) :
شارل ...
ألفريد :
بابا.
شارل :
لا تخافوا، لا ترتعبوا، إن الله معنا. أدخل يا سيدي النسا الدار، وحصنوها جيدا، ونحن نبقى هنا. (يزيد الصياح في الخارج.)
لويزا :
شارل ... (باكية.)
شارل :
بالله لا تضعفي عزمي يا لويزا، وادخلي الدار ودعيني هنا أحامي عنكم حتى أموت.
لويزا :
كيف أدعك وحدك وأدخل ، وهل تترك المرأة زوجها؟! فأنا لا أفارقك أبدا، فقد صرت زوجي بعهد الله، فإما أن نحيا معا أو نموت معا.
شارل :
لا يا لويزا، وما الفائدة من وجودك معي هنا؟ ادخلي!
لويزا :
نعم إني بنت ضعيفة، ولا أقدر على إسعافكم بشيء، ولكن أقدر أن أموت معك وأتمم واجباتي.
شارل :
لا يا حياتي، ادخلي ولا تزيديني ارتباكا، فقط اسمحي لي قبل دخولك أن أقبلك قبلة الوداع، ثم ادخلي وصلي. (يقبلها وتقبله، فيغشى عليها متكئة على عنق شارل. يزيد الصياح من الخارج.)
شارل :
خذ يا سيدي الجميع إلى الداخل وارجع بالحال لنستعد، فإني أسمع الصياح يزداد ويدنو منا. (إميل يأخذ لويزا وألفريد، ويدخل.)
شارل :
على سلاحكم أيها الأبطال، استعدوا!
لويزا (وهي داخلة) :
شارل.
شارل :
آه، أحلال ما ألتقي من زماني
أيها الغادر الخئون كفاني
شارل (لسسل) :
ودعيني شقيقتي ودعيني
وادخلي معها فزماني رماني
سسل (باكية) :
يا شقيقي ... (يتعانقان.)
شارل : ... سيري ولا تجعليني
في ارتباك فقد كفى ما أعاني
سسل :
كيف أمضي وأنت ...
شارل : ... لله سيري
لا تخافي فما أنا بجبان (إلى ماريا):
وادخلي معها يا سيدتي وأعطيني يدك أقبلها، وصلي لأجلي ولا تخافي واتكلي على الله؛ فهو خير نصير. (إميل يرجع ومعه سلاح له ولشارل.)
الجزء الرابع (إميل - شارل - عسكر إنكليزي) (يسمع طلق نار من بعد.)
شارل :
على سلاحكم أيها الأبطال، مراكزكم، وقاتلوا قتال من يفضل الموت على الحياة، وأظهروا الآن ما عندكم من البسالة التي طالما اشتهرتم بها. (يقرب صوت طلق النار)
ولنمت جميعا حبا بإنكلترا وطننا المحبوب، ولنهتف جميعا سوية: الموت ولا العار. (الجميع يهتفون.) (ملتفتا)
ما هذه النار الهائلة؟
إميل (ملتفتا) :
خزاهم الله، قد أضرموا النار في مخازن الحبوب. آه!
شارل :
يا لها من حريقة مهولة! يا لهم من أشرار! (يزداد طلق النار ويقرب.)
انتبهوا أيها الأبطال ولا تدعوا هؤلاء الأنذال يسطون علينا وينزلون عن الجدران، وحافظوا على مراكزكم وأطلقوا عليهم النار. انتبهوا، ها هم قد اقتربوا ... النار ... أطلقوا النار ... الرصاص. (العساكر تطلق النار)
من هنا ... من هناك ... (نار من خارج ومن داخل)
دافعوا ... دافعوا من هنا ... من هناك ... تجمعوا ... آه كله بطال ... اجتهدوا داركوهم ... دافعوا من هنا من هنا ... الشمال الشمال ... آه ... (هنا تسطو الهنود على الإنكليز وينزلون على الجدران إلى الجنينة ومقدامهم سنكرام سنك بملابس ملوكية حربية.)
الجزء الخامس (إميل - شارل - عسكر إنكليزي - سنكرام - جوق هندي)
سنكرام :
بادروا يا رجالي، قد حان حين الانتقام، اتبعوا ابن ملككم الأمير سنكرام سنك.
شارل :
إن كنت حقيقة ابن الملك، فبادر بالحال للقتال، وإلا فما أنت إلا نذل مهان.
سنكرام :
لبيك لبيك، إليك من يذيقك بحد سيفه الموت الأحمر (يتضاربان).
شارل :
كذبت يا جبان، فمن أنت بين الأبطال؟
سنكرام :
أنا الأمير سنكرام سنك، أنا ابن ملك الهند الذي قتلتموه وحرمتموني الملك. حنانيك قد آن أوان أخذ الثأر. أما تتذكرني يوم خدمتك على المائدة إذ تممت عهد اقترانك بلويزا؟ فاستعد الآن فإني سأقرن بين حد حسامي وعنقك. (تتكاثر الهنود على سر شارل وإميل فيغلبون ويسقطون كأنهم ماتوا، وسر شارل يصرخ إذ يقع قائلا.)
شارل :
آه يا لويزا قتلت، فتذكريني، آه! سنلتقي في الآخرة.
إميل :
آه يا ماريا ويا أولادي، ترى من يخلصكم.
سنكرام :
قيدوا من بقي من العساكر، وأنا سأجتهد لأن أدخل البيت فأختطف لويزا ومن معها من النساء، ثم نضرم النار ونرجع.
الجزء السادس (في صالون بيت إميل - لويزا (راكعة مبتهلة) - ألفريد (نائم على المقعد).)
لويزا :
يا مبدع الكائنات، انظر إلينا بعين رحمتك، يا ينبوع الرحمات، أنقذنا من هذا المصاب، لا تسلط علينا أعداءنا الظالمين. احرسنا بعنايتك، واحفظ أبي وشارل بجنودك السماوية، انصرهم على عداهم، فأنت ذو القدرة والعظمة، ارحم فؤادي الكسير يا عون الضعيف.
الجزء السابع (لويزا - ألفريد - سنكرام)
سنكرام (وهو داخل كأنه يخاطب عساكره) :
قيدوا الكل وانهبوا البيت، وأنا أفتش على فاتنتي لويزا. (ويتقدم ناحيتها.)
لويزا :
آه آه. (تصرخ بأعلى صوتها، ثم تقع مغشيا عليها.)
سنكرام :
لويزا، أنت حياتي، لو تعلمين كم قاسيت لأجلك من الأهوال، وكم خدمتك من الزمان، فقد آن أن تخدميني في دورك، آه فلنأخذها ما زالت مغشيا عليها. (يتقدم ليحملها.)
الجزء الثامن (لويزا - ألفريد - سنكرام - ألبرت - نوتيان)
ألبرت (وهو داخل) :
ما هذه الأحوال؟ أين يا ترى أجد لويزا وكيف؟ ...
سنكرام (يترك لويزا) :
ويلك من أنت يا قرنان؟ ها هي.
ألبرت :
دونكما هذا المهان لأرى ماذا أصابها. (يهجم النوتيان على سنكرام فيتقدم ألبرت إلى ناحية لويزا فتستفيق.)
لويزا (صارخة) :
ألبرت! (وتفتح ذراعيها كأنها تريد أن ترمي بروحها إليه، ثم ترجع)
آه، لا لا، ابعد، ابعد عني، فقد عاهدت شارل بالزواج، اذهب. (وتقع مغشيا عليها، فيسندها ألبرت ويلبث متحيرا.)
سنكرام :
آه يا كلاب، لو عرفتموني من هو الذي أمركم بمقاتلتي، ولكنه جبان، ولولا ذلك لنازلني بذاته. (ألبرت يغضب فيترك لويزا.)
ألبرت :
كذبت يا ذليل يا ذميم ... فأنت الجبان المهان ... لبيك يا غدار، أنا ألبرت سيد الأبطال، فدونك والقتال. (يتضاربان)
الجزء التاسع (يدخل بعض الهنود فيلتقون بالنوتيين فيقع بين الجميع معركة هائلة، وألبرت مع سنكرام.)
سنكرام :
أين تغدو أيها الطفل فهل
يقصد الموت سوى من سئما
سترى مني شجاعا باسلا
لو تبدى لك في الحلم لما
وحسامي كلما سقيته
من دم الأبطال يزداد ظما
وكذا النار إذا زدت لها
حطبا زادت لهيبا كلما
الجزء العاشر (يدخل الفقير متلصصا.)
الفقير :
يا رب أعني على تخليصهم. (يدنو من لويزا وألفريد.)
ألبرت :
غرتك نفسك فيما قلت مدعيا
فسوف تلقى هماما عالي الهمم
هيهات أني أخشى منك نازلة
عار علي إذا استسمنت ذا ورم
فقير :
لويزا لويزا، اتبعيني فأخلصك.
لويزا :
كيف أتبعك؟ ومن أين الخلاص؟
فقير :
لا تخافي قومي، اتبعيني فقد حللت أمك وسسل من قيودهما، فقومي اتبعيني لنلحق بهما وأنا أحمل ألفريد. ما زال القوم مشتغلين عنا، وقد وجدت طريقا خفية نهرب منها ولا يدري بأمرنا أحد.
لويزا :
وأبي؟
فقير :
إذا وجدته أخلصه، لا تفتكري.
لويزا :
وشارل؟
فقير :
وشارل أيضا. سيري.
لويزا :
وألبرت؟
فقير :
لله امضي قبل أن يدروا بنا فيقتلونا. (يحمل ألفريد ويأخذ لويزا بيدها.)
الجزء الحادي عشر (ألبرت - سنكرام - نوتيان - جوق هندي)
ألبرت :
إذا ضل شخص الموت في ظلمة الوغى
ولم يلتقي نحو النفوس سبيلا
فسيفي ذو نور يضيء فيهتدي
بأنواره حتى ينال وصولا
سنكرام (يلتفت فلا يرى لويزا) :
آه، لويزا، أين هي؟ أين ذهبت؟ (يخرج وهو يتضارب كأنه يريد أن يلحق بلويزا.)
والله لأطالنها لو طارت إلى القمر. (ألبرت يتبعه وتتبعهما الهنود.)
ألبرت :
كذبت، فلا تصل إليها ولو طلت القمر يا ذميم، مهلا.
أبشروا بالفنا
فهو منكم دنا
دونكم والهرب
أو تلاقوا العطب
نحن نحن الأسود
نحن نحن الأسود
الفصل الثالث
(صباحا شمس حادة، حرش مغيض وفي وسطه نهر على شاطئه قارب، وعن بعد ترى قلعة إنكليزية.)
الجزء الأول (إميل، ثيابه مبللة.)
إميل :
أين رشدي ومن أنا من نصيري
ما الذي حل بي وكيف مصيري
يا ترى ما هذي الجراح وماذا
كان من أمر عيلتي وأجيري؟
أين أهلي ماري وأين أراها
ولويزا وشارل خير أمير
وسسل وألفريد هلموا
أين أنتم يا شقوتي من مجيري
هل ترى من سيف سنكرام ذقتم
شر موت فغبتم في القبور
أم ترى أنتم تتيهون مثلي
في البراري وما لكم من نصير
أين أغدو وهل أنا في منام
ضاع رشدي لله كيف مسيري
أين أمضي من ذا يرق لحالي
يا إلهي عليك جبر الكسير
أنت عون الضعيف يا خير ملجا
فأجب راحما دعاء الفقير
هد حيلي وقد عدمت نشاطي
يا ترى هل أصيب شخص نظيري
كنت في الرغد عائشا صرت أشقى
من غدا مبتلى بعيش مرير
أيها الدهر لم تعظم سروري
فيك إلا لكي تزيد شروري
آه يا دهر ما أظلمك! في ليلة واحدة أعدم امرأتي وأولادي ومالي وثروتي، وكل ما جنيته طول حياتي. آه من ظلمك يا خئون! من ذا يرحمني وأنا في هذه القفار والأحراش أنادي ولا سميع، وأستغيث ولا مجير! آه يا موت، ولكن عائلتي ... فإن مت أنا كيف تكون حالتها، ومن ينقذها من مصابها! آه، لولا ذلك لكنت أنتقم منك أيها الدهر الغدار، وأقتل ذاتي كيدا بك ... لله أين يا ترى ذهبوا، وكيف ساروا؟ قالوا لي إني أجدهم في القلعة الإنكليزية التي هنا عند النهر، وقد كلت قواي من التعب وأنا أفتش عن القلعة لأهتدي إليهم ولا أجدها، كيف أمضي وأين أسير؟ من هنا أم من هناك؟ آه يا ليتني قتلت حقيقة يوم هجم الجنود علينا، وتركونا نظير قتلى على أرض الجنينة. يا ليتني مت حقيقة، لماذا لم أستطع الحراك حينئذ ليتأكد الهنود أني لم أزل حيا فيبادرون ويقتلونني، ولا كنت أحيا فأصير إلى ما صرت إليه. آه من ظلمك أيها الدهر الخئون! هل بقي نوع من أنواع العذابات وما أذقتنيه.
يا مريش النبال عن قوس غدر
ويك مهلا فأين أنت تريش
لم تدع في من محل خلي
من سهام البغي ولكن أعيش
لست أحيا إلا لطول عذابي
فارم ما رمت أسهما لا تطيش
أي نعم، عذب كما تشاء، فقد بلغت بتعذيبك إياي الحد، فلم يعد تعذيبك لي عذابا، ولا يخشى قط غريق من البلل، فارشقني أنى شئت بسهام ظلمك أيها الدهر الخئون، إنما ارفق وتحاش امرأتي وأولادي، فإنهم لا يطيقون جورك أيها الباغي. آه وا لوعتي ... أين أجد أولادي، وامرأتي؟ أين ترى تكون هذه القلعة؟ وكيف أسير لأمضي إليها؟ كيف أعدو ولم أزل ما شفيت شفاء تاما من جراحي؟ فقد خانتني صحتي ولم يبق لي قوى. ترى أين أنت يا شارل، وماذا حل بك؟ هل مت أم لم تزل حيا؟ أين ألفريد؟ أين لويزا؟ أين ماري؟ أين سسل؟ أين دونا؟ قالوا لي إن الفقير سار بهم، ولكن إلى أين؟ وهل لم يصادفهم الهنود في الطريق يا ترى؟ آه يا سنكرام يا غدار، خنتني ونسيت معروفي وفضلي وجازيتني بالبغي والغدر يا ساقط الهمة! آه، هد حيلي وضعفت قواي، أين أمضي؟ وكيف أسير؟ ... (يقف)
ما هذا الذي أراه، أهذه القلعة أم عيني تغشني ... نعم قلعة. (يتقدم)
هي هي القلعة الإنكليزية. (يتقدم ثم يقف)
وا أسفى، كيف أصل إليها ودوننا هذا النهر العظيم، ولم يعد لي حيل لأقطعه عوما؟ كيف السبيل إلى قطع هذا النهر؟ أرشدني يا باري البرايا، وارمقني بعين عنايتك ، والطف بعبيدك فأنت أرحم الراحمين. (يلتفت)
ما هذا؟ وهل أنا في يقظة أم في منام؟ أم هذا قارب؟ (يتقدم إلى القارب)
نعم قارب. (يجثو)
أشكرك اللهم يا مجيب الدعوات، وأطلب إليك أن تساعد عيلتي كما ساعدتني وأوجدت لي هذا القارب لأجتاز عليه النهر، فأنت عون الضعيف وجابر الكسير ومغني الفقير. أنت تهيئ حتى للعصافير والنمل أرزاقها. أنت الحياة والقدر، أنت الواحد الفرد الصمد، فعاملنا برحمتك أنت السميع المجيب. (ينهض)
فلنغتنم هذه الفرصة ونركب القارب ونتوجه على بركة الله إلى القلعة، عسى أطلع هناك على خبر من عائلتي وعن شارل إذ كان لم يزل حيا. آه ... إن التعب أضواني! (ينزل القارب إلى الماء)
عونك يا عون الضعيف. (يركب القارب ويأخذ المجاذيف ويجذف ويتوجه في النهر عكس الجهة التي يدخل منها حتى يأتي ذكره.)
الجزء الثاني (إميل (في النهر) - ماري - لويزا - ألفريد - سسل - فقير (حامل ألفريد) - دونا)
فقير :
من هنا، من هنا، فلم يعد عليكم خطر أبدا، وانتظروني في هذا الحرش لأسعى بإيجاد مدد لنا.
ماريا :
لا، لا تذهب فتتركنا وحدنا يا فاعل الخير.
لويزا :
آه يا أمي، فقد انحلت قواي. (تقعد على الأرض من تعبها، والجميع يقعدون بكل حزن.)
فاتركوني وسيروا.
ماريا :
يا لويزا، لا تزيدي لوعتي بمثل هذا الكلام يا ابنتي.
ألفريد :
ماما، تعالي نروح إلى البيت ونأكل، فقد صرت جوعان، ماما.
ماريا :
تقطع يا قلبي، وتفتتي يا كبدي، ابني يطلب الأكل وما عندي أطعمه. أتترك يا رب خليقتك هذه الضعيفة بغير مدد؟ أما أنت الذي أوجدتها؟ أما هي عمل يديك؟ من أين أطعمه؟ هل أشق قلبي فأطعمه إياه؟ ولكنه لم يتعود أكل المرائر، فمن أين أغذوه؟ من ذا ابتلي مثل بلوتي!
سسل :
أظن هذه قلعة إنكليزية. (تلتفت ماريا.)
ماريا :
آه، سكن روعي قليلا، وهذا قارب في النهر وفيه رجل. (يقومون جميعا، ويتقدمون ناحية النهر ويصرخون بأعلى أصواتهم.)
هي هي. (فيلتفت إليهم إميل فيعرفهم ويعرفونه.)
إميل (صارخا) :
ماري، ألفريد، لويزا.
ماريا ولويزا :
إميل.
ألفريد :
بابا، بابا.
فقير وسسل ودونا :
سيدي إميل.
إميل (يريد أن يوجه القارب ناحيتهم، فينقلب ويقع صارخا) :
آه. (ويختفي في الماء.)
ألفريد :
بابا، بابا. (يرمي ذاته إلى النهر ويختفي أيضا.)
ماريا (تصرخ) :
آه، ابني، زوجي. (تهم أن ترمي نفسها في النهر فتمنعها لويزا وسسل.)
فقير :
ارجعوا، ارجعوا. (ويرمي نفسه إلى النهر.)
ماريا :
دعوني، اتركوني، ألا ترون زوجي وابني قد غرقا؟
لويزا :
أمي أمي، الفقير يخلصهما.
الجزء الثالث (الجميع إلا إميل)
سسل :
لله يا سيدتي ... ها ... هذا ألفريد خلصه الفقير. (تلتفت فترى الفقير في الماء وعلى ذراعه ألفريد مغشيا عليه، وأثوابهما مبللة، فتأخذ ألفريد وتعانقه.)
ماريا :
ابني حبيبي، المروءة يا فاعل الخير وخلص زوجي.
فقير :
لا ترتعبي يا سيدتي، فألفريد خلصته، أما زوجك فقد قذفه تيار النهر وما قدرت أن أنقذه ولا عاد ذلك في إمكاني الآن، ولكن لا تخافي، فربما يصدفه مركب ما فيخلصه عند فم النهر، والمسافة ليست ببعيدة سيما التيار يقذفه.
ماريا :
آه يا إميل، هل كنت موعودة أني أراك ثم أعدمك في دقيقة واحدة؟
لويزا :
آه يا والدي الحنون.
سسل :
لله يا سيدتي، افتكري الآن بإنقاذ ألفريد، فإنه مغشي عليه.
لويزا :
آه يا أبي ...
فقير :
لله لا تزيدي أمك حزنا وافتكري بأخيك.
ماريا :
ابني حبيبي ألفريد.
ألفريد (يستفيق) :
ماما، ماما.
ماريا :
حبيبي ألفريد ولدي.
فقير :
إذ قد صحا ألفريد الآن، فابقوا هنا، فأنا ذاهب أفتش علي أن أجد أحدا يعيننا على ما نقاسيه ويأتينا بمدد.
ماريا :
وكيف تتركنا وحدنا؟
فقير :
قلت لكم لا تخافوا، فما من خطر عليكم هنا، وأنا حالا أرجع (ويذهب) .
ماريا :
لا شك أنك ملاك أرسلك الله إلينا لتساعدنا في مصائبنا.
جرد الدهر من الغدر حسام
ورمانا بسهام الإنتقام
أيقاسي أحد بين الأنام
ما نقاسيه، فيا لله ما
يا عيوني بالبكا جودي فقد
فرغ الصبر وأحرمنا المدد
هل مجير هل نصير هل أحد
ينقذ المظلوم من ظلم طمى
1
الجزء الرابع (ماريا - لويزا - سسل - دونا - ألفريد)
ألفريد :
ماما، بابا في النهر، ماما.
ماريا :
آه يا ربي! اذرفي يا عيوني الدموع السخينة، فكنت أضن بك لمثل هذا الحين.
لويزا :
لله يا أمي أشفقي على ذاتك وعلينا!
سسل :
لله يا سيدتي اعتصمي بالصبر.
ماريا :
لله اتركوني قليلا، خذوا ألفريد واذهبوا تظللوا في ظل تلك الشجرة، ودعوني أسترح قليلا، فإني كلما رأيتكما تضاعفت أحزاني. لله يا ابنتي، اتركوني قليلا إن كنتم تحبونني، خذوا ألفريد ودعوني برهة.
سسل :
الأوفق أن نتركها في خلوة، فهلمي بنا يا شقيقتي. (دونا تحمل ألفريد.)
الجزء الخامس (ماريا - لويزا - سسل - دونا - ألفريد) (يجلسون تحت ظل شجرة وينامون هناك.)
ماريا :
يا رب ما هذا البلاء ترى فهل
أوجدتني لأكون في البلوى مثل
من ذا تكبد ما أقاسيه ومن
مثلي تحمل بلوة لا تحتمل
يا عين جودي بالبكا وتحسري
يا مهجتي وتفتتي مما حصل
قد كنت أطلب أن أرى زوجي وقد
عاينته يا ليت قصدي ما اكتمل
قد كان لي أمل بأني ربما
ألقاه حيا بعد بعد محتمل
فلقيته لكن غدوت ولم يعد
أملي بأن ألقاه ذياك الأمل
وا حسرتاه فمن يرق لحالتي
لله من ظلم الزمان وما فعل
إني أسير وكيف أصنع يا ترى
وا حيرتي وا لوعتي كيف العمل
كيف السبيل إلى الخلاص ولم يعد (تلتفت وترتعب مما يأتي، وتصرخ وتغطي وجهها بيدها.)
ماذا أرى ويلاه قد حان الأجل
الجزء السادس (ماريا - سنكرام - عسكر هندي - لويزا - سسل - ألفريد (نائمين تحت الشجرة)) (سنكرام والهنود يخرجون من وراء شاطئ النهر رويدا رويدا متلصصين إلى أن تراهم ماريا.)
سنكرام :
أنت هنا وقد عجزنا ونحن بالتفتيش عليكم، فاستعدوا الآن لما تستحقون. (ماريا لا تزال ساترة وجهها بيدها.)
ماريا :
آه آه ...
سنكرام :
لا تتأوهي وتتعبي بلا فائدة، بل إن رمت الخلاص من يدي قولي لي أين هي لويزا فلا أوذيك.
ماريا :
كذبت يا مهان يا ناكر المعروف، تذكر كم كنت أعاملك بالشفقة حين كنت خادما عندنا، وكم أحسنت إليك!
سنكرام :
تذكري أنت، فكم خدمتك مع أني ابن ملك! والآن فقد آن أوان الانتقام وأخذ الثأر، فلا خلاص لك من يدي إلا بأن تهديني إلى لويزا.
ماريا :
لله يا سنكرام ...
سنكرام :
لا يفيدك الآن بكاك وتذللك، أين لويزا؟
ماريا :
يا قاسي القلب.
سنكرام :
أين لويزا؟
ماريا :
يا عديم الشفقة ...
سنكرام :
أين لويزا!
ماريا :
يا ...
سنكرام :
أين لويزا؟ أقول لك أين لويزا؟ (هنا لويزا تستفيق.)
ماريا :
كفاك جورا وظلما يا ساقط النخوة والشهامة، تذكر ...
سنكرام :
إلى هذا الحد يا شقية ... اقبضوا عليها في الحال وأذيقوها أمر العذاب. (تتقدم الهنود إلى ماريا.)
لويزا :
ارتجعوا يا لئام. ها أنا ذا أمامك يا خائن يا غدار يا عديم المروءة، فاترك أمي وعذبني أنا.
سنكرام :
لويزا ... (تتكئ من حزنها كأنها أصيبت بالغشيان.)
سنكرام :
لويزا، أنا أعذبك. وكل ما فعلته هو لأحصل عليك؟
لويزا :
خسئت يا ذليل، فالنجم أقرب.
سنكرام :
افتكري يا لويزا إنك الآن في قبضة يدي، فلومك على نفسك، لا تجعليني أعاملك بالقساوة ضد إرادتي.
لويزا :
وهل من قساوة أعظم من هذا يا بربري الطباع، أين شيم الرجال؟ ولكن أين أنت والشيمة؟!
سنكرام :
أقصري يا لويزا، ما عدت لأحتمل هذا الاحتقار ممن لا أعدها الآن أكثر من أسيرة ذليلة عندي، وإن كانت في الحب مالكتي، واحذري أن يتحول حبي إلى البغضاء، واعلمي بأن بغضي يكون كحبي شديدا، فاختاري.
لويزا :
هاك صدري أيها الخائن، فأغمد حسامك فيه. ترجو مني أن أجيب طلب من لا أعده أكثر من مهان ذليل.
سنكرام :
قل الاحتمال ... بادروها وأذيقوها العذاب، واسحبوها ولنبادر للذهاب. (يتقدم الهنود وتسحب لويزا فتلتفت ماريا.)
ماريا :
ابنتي يا قاسي القلب، إلى أين يمضون بها؟
سنكرام :
ما من جواب، ارجعي، سيروا.
لويزا :
لقيت الويل يا ساقط الهمة يا نسل الكلاب.
ماريا :
اقتلوني قبل أن تمضوا بها، يا لويزا.
سنكرام :
باطلا.
ماريا :
ماذا المصاب! (ألفريد وسسل ودونا يستفيقون.)
ألفريد :
ماما، أختي لويزا. (ويدل عليها.)
سسل :
أمي، ما هذا؟ أين يمضون بأختي لويزا؟
الجزء السابع (ماريا - ألفريد - سسل - دونا)
ماريا (تريد تتبع لويزا) :
آه ارحموني (تسقط إلى الأرض) .
سسل :
أمي، سيدتي ماريا.
ألفريد :
ماما، ماما (باكيا) .
ماريا :
آه لويزا، اتبعوها.
سسل (تذهب كأنها تريد أن تتبع لويزا وترجع) :
أمي أمي، استفيقي، لله تقطع قلبي ... كيف العمل ... أمي!
ألفريد :
ماما، ماما (باكيا) .
الجزء الثامن (ألفريد - سسل - ألبرت - فقير - نوتيان - ماريا (مغشيا عليها) - دونا)
فقير :
ها هم هنا، أسرع .. أين لويزا؟
سسل :
انظروا ... هناك ... سنكرام ... لله أدركوهم.
ألبرت (ملتفتا نحو لويزا) :
لبيك يا لويزا، فقد أتيت. (يريد أن يذهب.)
فقير :
مهلا يا سيدي لا تعجل.
ألبرت :
دعني فلا بد لي ... (يريد أن يهجم.)
فقير :
تأن تأن، فعلي ...
ألبرت :
كيف أتأنى؟! أراها بين أيدي هؤلاء الوحوش الضارية وأصبر عنها؟!
فقير :
سيدي لا تخاطر بنفسك، فإننا بغاية الاحتياج إليك، وإذا تبعتهم فلا تنجح، وما تفعل وأنت وحدك وهم جمع غفير؟
ألبرت :
لا أبالي بهم، ولو كانوا فوق الألوف عددا، ولا أرتجع عنهم وأكون بهذا المقدار ساقط الهمة. الموت الموت، ولا الصبر عنها.
فقير :
سيدي، تمهل، فأنا أدرى منك وأعلم بأحوال الهنود. فإذا كنت حقيقة تحب هذه العائلة وترغب في تخليصهم فدعني أدبر الأمور، وتعال معي لأعلمك بما عزمت عليه وأنت تساعدني، وإلا فتضر ذاتك وتضرهم أيضا، حيث في ضررك يعدمون حامية لهم يحتاجون إليها عند حلول نوائب كهذه، فاسمع كلامي وطاوعني فترى ماذا أفعل، وفي هذا الليل أخلصها وعند الصباح يحمد القوم السرى.
ماريا (مستفيقة) :
آه أين أنا؟
ألبرت :
قومي يا سيدتي.
ماريا :
من هذا؟ ... إميل.
ألبرت :
أنا ألبرت، قومي لا ترتعبي ولا تخافي.
ماريا :
ألبرت ... آه ... (تشير بأصبعها لجهة لويزا)
لويزا، لويزا.
ألبرت :
أنا أسعى لخلاصها، فسكني روعك.
ماريا :
أسكن روعي ... وإميل ...
سسل :
لله يا أمي لا تذكري ابنك ألفريد به.
ماريا :
ألقوني في النهر لألحق بزوجي.
ألبرت :
لله قومي ولا تزيدي ارتباكا. (يساعدها على القيام.)
فقير :
اتبعوني، وعلي تدبير الأمور.
الجميع :
يا رب يا باري النسم
إليك تلتجي الأمم
2
بحالنا أنت العليم
فارفق بنا وكن رحيم
منا عليك الاتكال
فكن نصيرا
ذقنا العنا بعد الهنا
وقد دنا
منا الفنا فارفق بنا
يا ربنا
وكن لنا يا ذا الجلال
دوما مجيرا
الفصل الرابع
(أرض مرملة، وفي الجهة اليمنى منها خيمة هندية عظيمة حولها حرس 4، في الليل، ضوء قمر ونجوم وقنديل معلق على باب الخيمة.)
الجزء الأول (سنكرام - لويزا (داخل الخيمة) - حرس (حول الخيمة))
سنكرام :
اسمعي يا لويزا، هذا آخر كلام أقوله لك، فقد عجزت وأنا أعدك وأتوعدك، وما رأيت منك سوى النفار. فإما أن تقبلي أو تقتلي، وإني أترك لك فرصة ربع ساعة لا غير لتراجعي أفكارك، فأنا ذاهب وسأرجع بعد قليل لآخذ منك الجواب الأخير. (وهو خارج)
احترسوا جيدا عليها لئلا تهرب، وأنا أرجع قريبا.
الجزء الثاني (لويزا (في الخيمة) - حرس 4)
لويزا (تنشد ثم تنام) :
آه ما هذا المصاب
قد وهى صبري
1
وضنى قلبي العذاب
موغرا صدري
أيها المولى القدير
انصر المغلوب
فيك إن لاذ الفقير
فاز بالمرغوب
الجزء الثالث (لويزا (نائمة في الخيمة) - حرس 4 - فقير) (يدخل الفقير متلصصا ومبتعدا عن المضرب، ويتلفت إلى الداخل كأنه يخاطب أحدا.)
فقير :
اصبروا هنا واتكلوا علي، فقد ذهب سنكرام، وباقي الشغل علي لتخليصها. فانتظروني هنا ولا تأتوا بحركة.
حرس :
من الطارق؟
فقير :
أخوك يا ابن الهند. (يتقدم إليهم)
إني فقير متسول، وقد تهت في القفار، ومنكم أرجو الضيافة هذه الليلة، وإني لأطربكم بصوتي وأسقيكم مشروبا لذيذا إذا قبلتموني.
حرس :
مرحبا بك، إذن أرنا بضاعتك وهات ما عندك. (يخرج من جيبه مشروبا هنديا ويجالسهم.)
فقير :
حييتم من كرام، اشربوا وتلذذوا (يسقيهم). (حرس يتصببون.)
بلبل الأفراح غرد
وعلى الأغصان صاح
2
ونجوم الليل تشهد
وعبير الزهر فاح
اشربوا الكاسات طفحى
واغنموا قبل الفوات
واسألوا الرحمن صفحا
وأعدوا هات هات
أدرها على زهر الكواكب والزهر
وإشراق ضوء البدر في صفحة النهر
ومزق رداء الليل وامنح بنورها
دجاه وطف بالشمس فينا إلى الفجر
فقير (يسقيهم) :
اشربوا اشربوا.
حرس :
أحسنت، نشرب ونطرب، نغتنم فرصة غياب أميرنا.
فقير :
كيف رأيتم هذا المشروب؟
حرس :
لذيذ، لذيذ.
فقير :
اشربوا اشربوا، (يسقيهم)
قبل أن يرجع أميركم. (لنفسه)
دارت الخمرة فلنزدهم أيضا. (يسقيهم)
إن هذا الشراب نادر الوجود، اشربوا.
لما بدت بالكمال
زرت بالشمس الجمال
3
فطف ببنت الدوالي
فإن فيها الدوا لي (الحرس ينامون.)
فخمرة عتقوها
عذراء تبري العليلا
مثل العروس جلوها
تبدو فتروي الغليلا
فقير (لنفسه) :
ناموا، أظن (يجرب)
خذوا اشربوا خذوا ... مساكين، فلنغتنم هذه الفرصة حالا. (يدخل المضرب ولويزا نائمة، فيناديها)
لويزا، لويزا، لويزا. (تصحو لويزا بارتعاب.)
لويزا :
أبدا أبدا، فموتي أحب لدي من أن أجيب طلبك، فاقتصر واقتلني.
فقير :
لويزا، انتبهي، أنا الفقير وأتيت لأخلصك.
لويزا :
الفقير!
فقير :
نعم الفقير، فقومي حالا واتبعيني، فأمك والجميع ينتظرونك بالقرب من هنا.
لويزا :
والحرس؟
فقير :
الحرس ناموا، لا تفتكري، فقط عجلي واتبعيني، هاتي يدك. (يأخذ يدها.)
لويزا :
هل أنا في يقظة أم في منام؟ (يخرجان.)
الجزء الرابع (لويزا - فقير (خارجان من المضرب) - حرس 4 (نيام على ناحية) - ألبرت (مطلا).)
ألبرت :
قد غاب الفقير، فما عسى يكون حدث؟ (ملتفتا إلى الداخل كأنه يخاطب أحدا.)
انتظروا هنا لأرى ماذا جد.
لويزا :
أين أمي؟
ألبرت :
ما هذا الصوت!
فقير :
اخفضي صوتك، الجميع هنا بالقرب منا.
ألبرت :
يا ربي، ما هذا الصوت!
فقير :
اصبري، من هذا؟
ألبرت :
أنا، أنا، أنا ألبرت.
لويزا :
ألبرت (تتقدم إليه) ، أمي، أخي.
ألبرت :
ها هم.
الجزء الخامس (حرس (نيام) - فقير - لويزا - ألبرت - ماريا - سسل - ألفريد - دونا - نوتيان)
ماريا :
لويزا.
لويزا :
أمي (تتعانقان) .
فقير :
هذا ليس وقته الآن، فبادروا نهرب قبل رجوع سنكرام، وما زال الحرس نياما.
ألبرت :
والله إني لا أبرح من هنا حتى ألتقيه وأجازيه على ظلمه، أما هو قاتل سر شارل صديقي وأخي سسل، وأنا سبب كل هذه الفتن؟ فكيف أتركه وفي رمق.
سسل :
يا حسرتي عليك يا شارل، ليلة زفافك تقتل.
ألبرت :
والله إني لست أجري راجعا
عنه ولو لاقيت معه حمامي
سيذوق موتا أحمرا من صارمي
وإذا انثنيت فما أنا بحمامي
فقير :
لله سيروا وأريحونا من انشغال البال.
ألبرت :
كيف أسير وقد سنحت لي الفرصة بأن آخذ بثأر أخيها صديقي شارل، فلا أنثني عن عزمي حتى أدرك ثأره أو أموت، فاذهب أنت وخذهم واسبقوني ودعوني هنا فأنتظره إلى أن يحضر.
سسل :
كيف ندعك وحدك في الخطر ونسير؟
ألبرت :
ما من خطر علي الآن، فإن الحب يقودني.
فقير :
يا سيدتي، إن بقاءك هنا مضر بألبرت، فإنه يلتزم بسبب ذلك أن يدافع عنه وعنك أيضا، فلا يتمكن من قتل قاتل أخيك.
سسل :
أصحيح هذا؟
ألبرت :
سسل، لم يعد بإمكاني كتم أمري، فإني أخاف أن أموت ولا تعلمين بسري؛ ولذلك أبوح بما كنته ضمائري، فاعلمي أني لما تحققت أنه لم يبق لي سبيل إلى الحصول على لويزا يئست من الحياة. إنما يوم نظرتك أول مرة فكأنني حيث ابتدأت بعمر جديد، فيا لها من نظرة علقت قلبي بمحبتك! فأنا الآن أحبك وأعاهد الله أنني لا أمتنع عن حبك إلا بالموت، فهل تجيبينني بالمثل، وهل لي أمل؟
سسل :
آه يا ربي.
ألبرت :
ما بالك لا تجيبينني؟
سسل :
وهل لم يتضح لك بعد ما بقلبي من الحب الخالص؟
ألبرت :
فليأت الآن سنكرام وكل الهنود وأبطال الأرض أجمع، حسبي من حب سسل مجن يدفع عني ضربات العدى، ومن حبي لها قوة لا توصف ولا ترد.
دونا :
اصبروا، إني أرى شبحا وافدا من بعيد.
فقير :
اذهبوا اذهبوا، هذا هو.
ألبرت :
سسل، أعطني يدك وتذكريني.
فقير :
أسرعوا، ها هو وصل.
سسل :
ألبرت، يد الله تقويك.
الجزء السادس (ألبرت - سنكرام (يدخل المضرب بدون أن ينتبه إلى ألبرت).)
سنكرام (داخل المضرب) :
لويزا، لويزا. (يخرج)
أين تهربون بها يا لئام؟
ألبرت :
ارجع، فلن تصل إليها إلا بعد أن تمر على جسدي ودون ذلك أهوال.
سنكرام :
ويك، من تكون يا عدو الوطن؟
ألبرت :
ما آن بعد أن تنساني، فتذكر مبارزتنا أول أمس حينما التجأت إلى الهزيمة يا ذليل.
سنكرام :
كذب الجبان ...
ألبرت :
لبيك، تمت بغيتي (يضرب سنكرام فيسقط) .
سنكرام :
آه يا لويزا!
ألبرت :
مت يا خئون بحسرتها. (الحرس يستفيق.)
حرس :
ما هذه الحركة؟
سنكرام :
يا إخوتي، خذوا بثأري.
ألبرت :
قد استفاقوا، فبادروهم بالحال.
حرس :
أميرنا قتل، هلموا نخبر باقي إخواننا (يهربون) .
ألبرت :
هربوا، هربوا، مساكين، هلموا بنا نتبع النساء لئلا يلحق بهن ضرر (يذهبون) .
حرس (يرجعون متلصصين) :
ذهبوا، ذهبوا، تعالوا نأخذ جسد أميرنا معنا لكي يصدقونا (يأخذونها ويذهبون) .
الجزء السابع (صباح متبلج، شاطئ بحر، صخور كثيرة ورمال.) (إميل ثيابه مبللة ملقى على صخور حزينا.)
إميل :
آه، أين أنا؟ ماذا أصابني؟ إني أتذكر ما جرى علي، ولكن هل هذا في يقظة أم في منام؟ يا ترى ماذا حل بك يا ماريا ويا لويزا حينما شاهدتماني غريقا؟ وماذا يحل بكما يا ترى إذ تعلمان أنني نجوت؟ ولكن من يعلم إن كنتما لم تزالا على قيد الحياة أم وقعتما في أيدي الهنود؟ من لي بإيصال أخبارهما إلي وإعلامهما بحياتي؟ يا ربي، من أين أسير؟ وأين أفتش عليهما؟ وأين أجدهما؟ من هذا؟ ... يا ربي، هل هذا وهم أم حقيقة؟ ... ماريا، لويزا، ألفريد ...
الجزء الثامن (إميل - ماريا - لويزا - سسل - ألفريد - دونا - الفقير)
ماريا :
إميل ...
ألفريد :
بابا ...
لويزا :
أبي ...
سسل :
سيدي إميل ...
فقير (باكيا) :
مساكين ... إنكم لمستحقون هذا الحظ بعد ما قاسيتموه من العذاب.
إميل :
كم من حوادث! كم من صدف! (يدخل ألبرت.)
من أرى؟
سسل :
ألبرت ...
ألبرت :
قتلته.
إميل :
من هو هذا؟
الجميع :
سنكرام.
إميل :
قتلت سنكرام؟
ألبرت :
نعم، قتلته.
فقير :
وأين النوتيان اللذان برفقتك؟
ألبرت :
وأنا آت نظرتكم من بعد، وقد رأيت عن بعد في البحر قاربا يتنسم أخباري، فأمرت النوتيين أن يأتيا به إلى هنا لنركب ونسير.
فقير :
حيث اجتمع شملكم الآن، ولم يعد لي من لزوم عندكم، وقد خلصتم من كل خطر، فاسمحوا لي بالانصراف، وقصدي أن أفتش عن سر شارل إذا كان لم يزل حيا فأخبره بأمركم يتبعكم.
إميل :
كيف نسمح لك بالذهاب على هذه الحال؟ أما أنت الذي أنقذتنا من عدة مهالك؟ أما أنت الذي خاطرت بحياتك لأجلنا؟ فلا تجعلنا بهذا المقدار عديمي المعروف والجميل.
ألبرت :
بل تذهب معنا إلى فرنسا، وهناك تعيش عندنا على السعة والدعة.
فقير :
لا يا سادتي، فإني لا أحب أن أفارق أرضا ترقد فيها عظام أجدادي، فاسمحوا لي بالذهاب.
إميل :
كيف تذهب ولا تدعنا نكافيك على جميلك!
فقير :
إن مكافأتي وصلتني سلفا، فجميلكم سابق، واعلموا أني لم أفعل ما فعلت إلا مقابلة للمعاملة التي كان يعاملني بها ألفريد، فكان دائما يحسن إلي حينما كنت ألتمس من بيتكم الصدقة، والآن، أنا ذاهب، وقد وفيت ما علي لكم من الدين. أما أنت يا ألفريد، فداوم عملك السابق بإحسانك إلى الفقير، فإن الله يحب المحسنين. (الفقير يذهب.) (القارب يقرب من الشانة.)
إميل :
مسكين، من ذا يصدق أنه يوجد بين الهنود رجل كهذا؟
ألبرت :
ها هو ذا القارب واصل.
إميل :
أي نعم، ولكني أرى في البحر هيجانا.
ألبرت :
الظاهر أنه يحصل المد، ولكن يا ترى هل يتزايد كثيرا؟
إميل :
لا أعلم، ولكن انظروا، انظروا، آه، هذا شيء مخيف.
الجميع (بكل خوف) :
آه ... الهرب ... اهربوا ... (ضوضاء عظيمة بين بعضهم.)
داركتنا المياه ... الصخور العالية ... أسرعوا ... (يصل القارب والنوتيان، ينزلان الجميع إلى القارب.)
الفصل الخامس
صالون في الفرقاطة الفرنساوية
الجزء الأول (ضابط بحر فرنساوي)
ضابط :
قد مضى أكثر من ساعة من حين إرسالنا القارب لملاقاة رئسينا ألبرت وأصحابه، وإلى الآن لم يرجع. (يدخل بحري.)
البحري :
سيدي، القارب الذي أرسل من ساعة زمان عاد الآن، وهو قريب منا.
ضابط :
الحمد لله، فإن فكري كان في غاية الاشتغال، امضوا حالا وألقوا الحبال من جهة اليمين لأن البحر هايج، فلا نقدر أن ندلي السلالم.
البحري :
سيدي، إن في القارب سيدات وأولادا، فلا يقدرون أن يطلعوا على الحبال.
ضابط :
فإذن دلوا السلم، إنما احترسوا جيدا من الأمواج. (البحري يذهب.)
وأنت امض حالا وهيئ ما يلزم لراحة السيدات والأولاد بالعجل (يذهب) .
ضابط :
مسكين يا ألبرت، كم قاسيت من الأتعاب حتى اتصلت إلى محبوبتك لويزا. (يكون ألبرت دخل والضابط لم ينظره) ، يوم وصولك تجد الدنيا مقلوبة. الهنود عصاة، الحريق في بيت محبوبتك، القتل، والأعظم من كل هذا محبوبتك تزوجت بسر شارل حيث كانت يئست من انتظارك، مسكين يا ألبرت، مسكين!
ألبرت :
لا يا صديقي، لا تقل هكذا، فقد صدفت من أعتاض بها عن لويزا، وهي أخت صديقي سر شارل، والآن تنظرها. أما لويزا فقد صارت أختي بعهد الوداد السليم ، والآن أرجوك أن تعطي الأوامر اللازمة لتحضير ما يلزم للسفر، فإننا بهذا الليل نسافر من كل بد. (الضابط يذهب)
قد وعدت لويزا وسسل أني لا أسافر ما لم أتحقق أخبار سر شارل، فإن كان لم يزل حيا يأتي إلينا لنسافر معا وإن كان قتل نعمل له الاحتفال اللازم. فعلي أن أتمم ذلك قبل ذهاب النهار ولا أضيع ولا دقيقة، فإن وقتي ثمين. (ألبرت يستدعي نوتيا بضرب جرس على الطاولة، يدخل نوتي فرنساوي، ثم يدخل إميل وماريا وألفريد ولويزا وسسل ودونا.)
ألبرت :
حضروا لي القارب الرسمي حالا حالا. (البحري يذهب.)
إميل :
القارب الرسمي، وإلى أين تمضي يا صديقي؟
ألبرت :
أمضي إلى دلهي لقضاء بعض أشغال ضرورية قبل السفر، وحيث وصلتم الآن إلى محل أمين، فأقدر أن أذهب وأرجع بعد قليل.
سسل :
آه ألبرت! كم أنت كريم وشفوق! ولكن ألا يمكنك أن تبقي هذا العمل إلى الغد؟ فإني أخاف عليك من عظم الريح وهياج البحر.
إميل :
وما عساه يكون هذا الشغل المهم؟
ألبرت :
لا شيء سوى تقديم آخر واجبات علي إلى بقايا صديق عزيز، وكونوا براحة من قبلي، فإن القارب الذي طلبت تحضيره لا يخشى عليه من الأرياح والأمواج لأنه ذو اثني عشر مجذافا، ولكن ما لنا وهذا؟! أخبروني عن راحتكم في المحلات التي أعدت لكم.
سسل :
ألبرت إن تصرفك معنا هو فوق المأمول، إنما هل تظن نجد بعد راحة في الدنيا بعد فقد سيدي شارل؟
ماريا :
آه آه، هل من راحة لنا بعد ما قاسينا من المصائب وخسرنا من الثروة والمال؟
لويزا :
آه يا شارل، لهفي عليك! (يدخل بحري.)
البحري :
سيدي، وافد علينا مركب إنكليزي، وقد رفع لنا بعد السلام إشارة تدل على أنه يريد أن يكلمنا، فأمر بما تريد نفعل.
ألبرت :
أطلقوا مدافع السلام حالا، واستقبلوا الركاب وأتوا بهم إلى هنا. (بحري يذهب.)
ما عسى أن يكون هذا المركب؟ وماذا يا ترى يريد بمواجهتنا؟
إميل :
إن قلبي يدلني أن قدومه سعد لنا.
سسل :
وأنا قد حسست بقلبي ما يدل على ذلك، وما على الله أمر عسير.
لويزا :
آه، حال سماعي بكلمة إنكليزي خفق قلبي، فعساه خيرا. (هنا يصير إطلاق مدافع من الناحيتين.)
ألفريد :
ماما، نحن فين ماما؟ (يدخل بحري.)
بحري :
سيدي، القارب تهيأ حسب أمرك.
ألبرت :
اصبروا الآن لنرى ما هذا المركب الإنكليزي. (يدخل بحري ثان.)
بحري :
جاء رسول من المركب الإنكليزي وهو يطلب مواجهتك.
ألبرت :
قل له يتفضل. (البحريان يذهبان.)
ألبرت :
لا أعلم ما هذا الفرح الذي شملني الآن، ويا ترى من يكون ... (يدخل شارل.)
لويزا :
شارل.
سسل :
شارل. (وهنا يصير سلام من الجميع بلهفة.)
الجميع :
هل نحن في منام؟ (سسل ولويزا تبكيان.)
شارل :
لويزا، سسل، لماذا تبكيان؟
سسل :
نبكي فرحا بلقياك.
شارل :
لا، بل اشكروا الله على خلاصكم وخلاصي. فبعد أن تركت مثل قتيل في أرض البستان يوم المعركة وجدت أحد العساكر الإنكليزية الذين كانوا برفقتي، وكان مطروحا أيضا كأنه قتيل. فتعاونا على الخروج من البستان بكل عجز وعناء وبدون أن يرانا أحد، وفي الحال توجهنا إلى دلهي حيث تطببت حتى شفيت من جراحي ونجوت من الخطر، فأخذت أتنسم أخباركم إلى أن ألتقيت بالفقير المعلوم، فأخبرني بأمركم بالتفصيل. فشكرت الله على نجاتكم، واسترخصت حالا من الحاكم العام لكي أحضر وأراكم، فأعطاني فرصة ثلاثة شهور لكي أغير الهواء وأسعى بإصلاح صحتي كما يجب، فأسرعت وأتيت وقد أصحبني الحاكم بهذا التحرير إلى سيدي إميل. (يعطيه التحرير، إميل يقرأ) . فأشكر الله على خلاصكم وخلاصي.
الجميع :
نشكر الله.
شارل :
لويزا، ما برحت من فكري ولا دقيقة، وكم تألمت عندما أخبرني الفقير بأسرك عند سنكرام الخائن! ولكن كم سررت إذ علمت أيضا بأن صديقي ألبرت انتقم لنا وقتله.
لويزا :
شارل، أخي ألبرت وأختي سسل قد أحبا بعضهما، وأنت تعلم أن ألبرت يليق بها.
ألبرت :
سيدي، قد طلبت يد السيدة سسل وأنعمت علي بها بشرط أن آخذ رضاك في ذلك إذا كنت باقيا حيا، والآن أمام الجميع أطلب إليك أن تقبلني صهرا لك وتظهر رضاك بما كان.
شارل :
بكل سرور أيها الصديق الوحيد، وأنا كنت السبب لحرمانك من نصيب تنازلت لي عنه بكل طيبة خاطر، وفضلت صالحي على محبتك العظيمة، فإني قابل بما كان بكل فرح. (يضع يد ألبرت بيد سسل.)
إميل (ينتهي من قراءة التحرير) :
آه، أشكرك اللهم على هذه النعم الوفيرة.
ألبرت :
بشر يا سيدي.
إميل :
خذ اقرأ (يعطيه التحرير فيقرؤه ألبرت) .
ألبرت (قاريا) :
الخواجة إميل التاجر الفرنساوي المقيم في ضواحي دلهي في الهند، إنه قد بلغنا ما تكبدت من الأتعاب والعذاب والخسائر الجسيمة حتى فقدت كل ما تملكه يدك من نقود وديون ومشتغلات وموجودات وأملاك وغيره، بسبب ثورة الهند وعصيانهم، وتحققنا خدماتك السابقة بحق حكومتنا ومناضلتك ضد الهنود، وبناء على ذلك قر قرارنا على أن نعوض عليك ما فقدت، فخصصناك بمبلغ ثلاثة ملايين فرنك تعويضا تقبض من بنك إنكلترا بموجب الحوالة الواصلة طيه، وذلك برهانا لخلوص محبتنا، وقد كلفنا بتبليغك ما يجب صهرك الجنرال سر شارل.
شارل :
نعم، فقد أنعمت علي الحكومة برتبة جنرال مقابلة لما قاسيته من غدر الهنود، فقد كانت حياتي في خطر عظيم.
ألبرت :
اسمح لي إذن أن أهنئك بهذه الرتبة أو بالحري أن أهنئها بك، فأنت أهل لأرفع منها. (يقرع الجرس فيدخل بحري.)
ألبرت :
الجنرال ... أطلق في الحال المدافع تبشيرا بارتقاء السر شارل إلى رتبة جنرال. (البحري يخرج.)
ألبرت :
وحيث الحالة هذه نرجوكم أن ترافقنا إلى فرنسا حيث نجعل العرسين في يوم واحد ونقيم الأفراح.
شارل :
أحسنت، وعندي رخصة ثلاثة شهور أمضيها معكم. (المدافع.)
الجميع :
رتبة وفدت
بالهنا والسعود
بالتهاني بدت
ووفت بالوعود
فتهن بها
راقيا للعلا
أو نهنئها
فيك بين الملا
أبشروا بالحبور
بعد تلك الشرور
فالعذاب مضى
والمصاب انقضى
وأديروا الخمور
واهرعوا للسرور
فالزمان صفا
ووفا وشفا
1
جاء بعد العسر يسر
فاهنئوا بعد العنا
وافرحوا دوما وسروا
بأويقات الهنا
وأديروا الكأس طفحى
بمزيج الطرب
واغنموا فوزا وربحا
بعد نيل الأرب
واستعدوا للرحيل
فدنا وقت السفر
واشكروا فضل الجليل
حيث حاشانا الخطر
قد بلغنا ما نروم
ولقد تم المرام
ليس بدعا فالسليم
فاز في حسن الختام
2
صفحه نامشخص