بين الخلق وبين أسماء الله تعالى مناسبات عجيبة ، والنفوس مختلفة والجنسية علة الضم ، فكل اسم يغلب معناه على بعض النفوس فإذا واظب صاحبه على ذلك الاسم كان انتفاعه به أسرع والله الموفق. حكي أن الشيخ أبا النجيب البغدادي كان يأمر المريد بالأربعين مرة أو مرتين بقدر ما يرى مصلحته فيه ، ثم يقرأ عليه الأسماء التسعة والتسعين. وكان ينظر إلى وجهه فإن رآه عديم التأثر عند قراءتها عليه قال له : اخرج إلى السوق واشتغل بمهمات الدنيا فإنك ما خلقت لهذا الطريق ، وإن رآه تأثر مزيد تأثر عند سماع اسم خاص أمره بالمواظبة على ذلك الذكر وقال : إن أبواب المكاشفات تنفتح عليك من هذا الطريق. وذلك أن الرياضة والمجاهدة لا تغلب النفوس عن أحوالها الفطرية ، ولكنها تضعف بحيث لا تستولي على الإنسان ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : «
** الناس معادن كمعادن الذهب والفضة
** الأرواح جنود مجندة
** اعملوا فكل ميسر لما خلق له
** (الثاني عشر في الأبحاث المختصة باسم الله)
ليس بمشتق البتة ، وأنه اسم علم له سبحانه وتعالى. لأنه لو كان مشتقا لكان معناه معنى كليا لا يمنع نفس مفهومه من وقوع الشركة فيه ، وحينئذ لا يكون قولنا «إلا الله» موجبا للتوحيد المحض. فلا يدخل الكافر بقوله : «أشهد أن لا إله إلا الله» في الإسلام كما لو قال : «أشهد أن لا إله إلا الرحمن» أو «إلا الملك» لا يدخل بذلك في الإسلام بالاتفاق. وأيضا الترتيب العقلي ذكر الذات ثم تعقيبه بالصفات نحو : زيد الفقيه الأصولي النحوي. ثم إنا نقول : الله الرحمن الرحيم العالم القادر ولا نقول بالعكس ، فدل ذلك على أن «الله» اسم علم. وقراءة من قرأ ( إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ) [إبراهيم : 1 ، 2] بخفض اسم الله ليست لأجل أن جعله وصفا وإنما هو للبيان ، فوازنه وزان قولك : «مررت بالعالم الفاضل الكامل زيد». وأيضا قال تعالى : ( هل تعلم له سميا ) [مريم : 65] وليس المراد به الصفة والإلزام خلاف الواقع ، فوجب أن يكون المراد اسم العلم وليس ذلك إلا الله. حجة القائلين باشتقاقه قوله عز من قائل
صفحه ۷۵