لأنه قابل لها فلا يكون فاعلا لها ، ولأن ذاته لو كانت كافية في تحصيل تلك الصفة فتكون ذاته بدون تلك الصفة كاملة في العلية وهو المطلوب ، وإن لم تكن كافية لزم النقص المنافي لوجوب الوجود. حجة المثبتين أن إله العالم يجب أن يكون عالما قادرا حيا ، ثم إنا ندرك التفرقة بين قولنا : «ذات الله تعالى ذات» وبين قولنا : «ذاته عالم قادر» وذلك يدل على المغايرة بين الذات وهذه الصفات. وإذا قلنا بإثبات الصفة الحقيقية فنقول : العلم صفة يلزمها كونها متعلقة بالمعلوم ، والقدرة صفة يلزمها صحة تعلقها بإيجاد المقدور. والصفة الحقيقية العارية عن النسب والإضافات في حقه تعالى ليست إلا صفة الحياة إن لم نقل إنها عبارة عن الدراكية والفعالية ، بل يقال : إنها صفة باعتبارها يصح أن يكون عالما وقادرا ، والتحقيق أن الحياة عبارة عن كون الشيء بحيث يصدر عنه ما من شأنه أن يصدر عنه كما ينبغي أن يصدر عنه ، ولا ريب أن واجب الوجود تعالى أحق الأشياء بهذا الاسم ، لأن وجوب الوجود يقتضي اتصافه بجميع الصفات الكمالية وصدور الأشياء الممكنة عنه على النحو الأفضل ، ولهذا مدح الله تعالى به نفسه قائلا ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) [البقرة : 255] ( وعنت الوجوه للحي القيوم ) [طه : 111] وأما الأسماء الدالة على الصفات الإضافية ، فمنها التكوين وهو عند المعتزلة والأشعري نفس المكون. وقال غيرهم : إنه غيره. حجة الأولين أن الصفة المسماة بالتكوين إما أن تؤثر على سبيل الصحة وهي القدرة لا غير ، أو على سبيل الوجوب. ويلزم كونه موجبا بالذات لا فاعلا بالاختيار. وأيضا إن كانت قديمة لزم قدم الآثار ، وإن كانت حادثة افتقرت إلى تكوين آخر وتسلسل الآخرون. قالوا : كونه خالقا رازقا ليس عبارة عن الصفة الإضافية فقط ، بل هو عبارة عن صفة حقيقية موصوفة بصفة إضافية ، لأن المعقول من كونه موجدا مغاير للمعقول من كونه قادرا ، فإن القادر على الفعل قد يوجد وقد لا يوجد. ومنها كونه تعالى معلوما ومذكورا مسبحا ممجدا فيقال : يا أيها المسبح بكل لسان ، ويا أيها الممدوح عند كل إنسان ، ويا أيها المرجوع إليه في كل حين وأوان. ولما كان هذا النوع من الإضافات غير متناه كانت الأسماء الممكنة لله بحسب هذا النوع من الصفات غير متناهية. ومنها ألفاظ متقاربة تدل على مجرد كونه موجدا مثل الموجد ومعناه المؤثر في الموجود ، والمحدث وهو أخص لأنه الذي جعله موجودا بعد العدم ، والمكون وهو كالموجد والمنشئ ومعناه ينشىء على التدريج والمبدع والمخترع ويفهم منهما الإيجاد الدفعي ، وكذا الفاطر مثل الصانع ويفهم منه تكلف ، وأما الخلق فهو التقدير وأنه في حق الله تعالى يرجع إلى العلم ، وأما الباري فهو الذي يحدثه على الوجه الموافق للمصلحة. يقال : برى القلم إذا أصلحه وجعله موافقا لغرض معين. ومنها ألفاظ تدل على إيجاد شيء بعينه وأنها تكاد تكون غير متناهية. ومنها ألفاظ تدل على إيجاد النوع الفلاني لأجل الحكمة
صفحه ۶۹