* المقدمة الثامنة
* في أقسام الوقف
الوقف قطع الكلمة اسما أو فعلا أو حرفا عما بعدها ولو فرضا ، وله عند أكثر الأئمة خمس مراتب : لازم ، ومطلق وجائز ، ومجوز لوجه ، ومرخص ضرورة.
فاللازم من الوقف ما لو وصل طرفاه غير المرام وشنع الكلام ، كقوله تعالى : ( وما هم بمؤمنين ) [البقرة : 8] إذ لو وصل بقوله ( يخادعون الله ) [البقرة : 9] صارت الجملة صفة «للمؤمنين» ، فانتفى الخداع عنهم وتقرر الإيمان خالصا عن الخداع ، كما تقول : ما هو بمؤمن مخادع. ومراد الله جل ذكره نفي الإيمان وإثبات الخداع. وفي نظائر ذلك كثرة يوصلك المرور بها إلى العثور عليها.
والمطلق ما يحسن الابتداء بما بعده ؛ كالاسم المبتدأ به ، نحو ( الله يجتبي إليه من يشاء ) [الشورى : 13] وكالفعل المستأنف مع السين ، نحو ( سيقول السفهاء ) [البقرة : 142] ( سيجعل الله بعد عسر يسرا ) [الطلاق : 9] وبغير السين ، نحو ( يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) [النور : 55] إلى غير ذلك من النظائر.
والجائز ما يتجاذب فيه طرفا الوصل والوقف ، مثل ( وما أنزل من قبلك ) [النساء : 60] ، لأن واو العطف تقتضي الوصل ، وتقديم المفعول على الفعل يقطع النظم فإن التقدير : ويوقنون بالآخرة.
** والمجوز لوجه
لأن الفاء في قوله ( فلا يخفف عنهم ) [البقرة : 86] والتعقيب يتضمن معنى الجواب والجزاء ؛ وذلك يوجب الوصل. إلا أن نظم الفعل على الاستئناف يرى للفصل وجها.
والمرخص ضرورة ، ما لا يستغني ما بعده عما قبله ، لكن يرخص الوقف ضرورة انقطاع النفس لطول الكلام ، ولا يلزمه الوصل بالعود ، لأن ما بعده جملة مفهومة ، كقوله ( والسماء بناء ) [البقرة : 22] لأن قوله «وأنزل» لا يستغني عن سياق الكلام ؛ فإن فاعله
صفحه ۴۴