غرائب القرآن و رغائب الفرقان

نظام الدین نیشابوری d. 730 AH
133

الأول في الإعراب ، اللهم إلا أن تقدر مجرورة بإضمار الباء القسمية لا بحذفها فقد جاء عنهم «الله لأفعلن» مجرورا غير أنها فتحت في موضع الجر لكونها غير مصروفة ، وأما من قرأ صاد وقاف بالكسر فلالتقاء الساكنين. وهذه الفواتح جاءت في المصحف مكتوبة على صور الحروف أنفسها لا على صور أساميها ، لأن المألوف أنه إذا قيل للكاتب اكتب «صاد» مثلا فإنه يكتب مسماها ص. وأيضا اشتهار أمرها بأن المراد بها هنا الأسامي لا المسميات أمن وقوع اللبس فيها ، وأيضا خطان لا يقاسان ، خط المصحف لأنه سنة ، وخط العروض لأن المعتبر هناك الملفوظ. ومن لم يجعل هذه الفواتح أسماء السور فلا محل لها عنده كما لا محل للجمل المبتدأة والمفردات المعدودة ، ومن جعلها أسماء للسور فسنخبرك عن تأليفها مع ما بعدها الله حسبي.

** البحث الثاني

** ذلك الكتاب

** الأولى :

بعد ما سبق التكلم به ، والمنقضي في حكم المتباعد ولهذا يحسب الحاسب ثم يقول فذلك كذا ، أو لأنه لما وصل من المرسل إلى المرسل إليه وقع في حد البعد كما تقول لصاحبك وقد أعطيته شيئا : احتفظ بذلك ، أو لأنه وإن كان حاضرا نظرا إلى ألفاظه لكنه غائب نظرا إلى أسراره وحقائقه ، أو لأنه على مقتضى الوضع اللغوي لا العرفي ، أو لأنه إشارة إلى ما نزل بمكة قبل سورة البقرة. وقد يسمى بعض القرآن قرآنا ، أو لأنه إشارة إلى ما وعد به الرسول عند مبعثه ( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) [المزمل : 5] أو لأنه إشارة إلى ما أخبر به الأنبياء أن الله سينزله على النبي المبعوث من ولد إسماعيل ، أو المراد أن هذا المنزل هو ذلك المثبت في اللوح المحفوظ كقوله ( وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) [الزخرف : 4]. الثانية : إنما ذكر اسم الإشارة والمشار إليه مؤنث وهو السورة في بعض الوجوه نظرا إلى صفته وهو الكتاب كقولك «هند ذلك الإنسان» قال الذبياني :

نبئت نعمي على الهجران عاتبة

سقيا ورعيا لذاك العاتب الزاري

وإن جعلت الكتاب خبرا فنظرا إلى أن ذلك في معناه ومسماه فجاز إجراء حكمه عليه في التذكير كما أجري عليه في التأنيث في قولهم : «من كانت أمك». الثالثة : للقرآن أسماء كثيرة منها : الكتاب وقد تقدم ومنها الفرقان ( تبارك الذي نزل الفرقان ) [الفرقان : 1] لأنه نزل متفرقا في نيف وعشرين سنة ، أو لأنه يفرق بين الحق والباطل. ومنها التذكرة والذكرى والذكر ( وإنه لتذكرة للمتقين ) [الحاقة : 48] ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )

صفحه ۱۳۵