غرائب القرآن و رغائب الفرقان
غرائب القرآن و رغائب الفرقان
فيتجلى له نور الأزل والأبد ، ثم ليقل «وتعالى جدك» إشارة إلى أنه أعلى وأعظم من أن تكون صفات جلاله ونعوت كماله محصورة في القدر المذكور ، ثم ليقل «ولا إله غيرك» إشارة إلى أن صفات الجلال وسمات الكمال له تعالى لا لغيره ، فهو الكامل الذي لا كامل إلا هو وفي الحقيقة لا هو إلا هو ، وهاهنا يكل اللسان وتدهش الألباب ، ثم عد أيها المصلي إلى نفسك وحالك وقل «
** وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض
ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) [البقرة : 30] وهو أيضا معراج محمد صلى الله عليه وسلم لأن معراجه مفتتح بقوله «سبحانك اللهم وبحمدك» وقولك «وجهت وجهي» معراج الخليل صلى الله عليه وسلم ، وقولك
** «إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي
المقربين ومعراج عظماء الأنبياء والمرسلين ثم إذا فرغت من هذه الحالة فقل «
** أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
المعرفة ، وبقولك «بسم الله الرحمن الرحيم» يفتح باب الذكر ، وبقولك «الحمد لله رب العالمين» يفتح
** باب الشكر ، وبقولك «الرحمن الرحيم» يفتح باب الرجاء ، وبقولك
«مالك يوم الدين» يفتح باب الخوف ، وبقولك «إياك نعبد وإياك نستعين» بفتح باب الإخلاص المتولد من معرفة العبودية ومعرفة الربوبية وبقولك «اهدنا الصراط المستقيم»
: «صراط الذين أنعمت» إلخ. يفتح باب الاقتداء بالأرواح الطيبة والاهتداء بأنوارهم ، فجنات المعارف الربانية انفتحت لك أبوابها الثمانية بهذه المقاليد الروحانية ، فهذا بيان المعراج الروحاني في الصلاة ، وأما الجسماني فأولى المراتب أن تقوم بين يدي الله كقيام أصحاب الكهف ( إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض ) [الكهف : 14] بل قيام أهل القيامة ( يوم يقوم الناس لرب العالمين ) [المطففين : 6] ثم اقرأ «سبحانك اللهم وبحمدك» ثم «وجهت وجهي» ثم «الفاتحة» وبعدها «ما تيسر لك من القرآن» واجتهد في أن تنظر من الله إلى عبادتك حتى تستحقرها ، وإياك أن تنظر من عبادتك إلى الله فإنك إن فعلت ذلك صرت من الهالكين وهذا سر قوله : «إياك نعبد وإياك نستعين» واعلم أن نفسك إلى الآن جارية مجرى خشبة عرضتها على نار خوف الجلال فلانت ، فاجعلها منحنية بالركوع ثم اتركها لتستقيم مرة أخرى ، فإن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغض طاعة الله إلى نفسك «
** فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى
العلو وقل : «سبحان ربي الأعلى» فإذا سجدت ثانية حصل لك ثلاثة أنواع من الطاعة. ركوع واحد وسجدتان ،
صفحه ۱۲۰