245

وذكر عن شعبة أنه قال: كان يزيد بن أبي زياد رفاعا، ومعنى هذا أنه كان يرفع أحاديث موقوفة عند شعبة، وهذا اجتهاد من شعبة في كونها موقوفة، لأن معناه ترجيح رواية من وقف الحديث على رواية من رفعه، ومثل هذا يختلف فيه العلماء نظرا للمرجحات لرواية الوقف، أو الرفع، مع أن هذا مما لا يجرح به الراوي، لأنه يقع من كثير من الرواة غلطا، وإنما فائدته التنبيه للتحفظ عند رواية يزيد إذا رفع رواية ووقفها غيره، لترجيح الوقف على رأي شعبة الذي هو أحد الرواة عن يزيد، ورواية كبار المحدثين عنه قرينة صدقه، وأن ليس مراد شعبة إلا ما ذكرنا، ولم يذكر في ترجمته أن أحدا تركه لا النسائي ولا غيره. وذكره ابن حبان في كتاب المجروحين والضعفاء فقال في ترجمته: روى عنه الثوري وشعبة وأهل العراق، ثم قال: وكان يزيد صدوقا إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير، فكان يتلقن ما لقن فوقع المناكير في حديثه من تلقين غيره إياه. انتهى.

قلت: هذا غير مسلم لابن حبان وهو متهم فيه، ولعله أراد إبطال ما لا يعجبه من الفضائل بهذه الدعوى، ولم يذكرها البخاري في تاريخه، ولا ابن أبي حاتم في كتابه، بل في كتاب الجرح والتعديل ما يدل على خلاف ذلك، أعني أنه لم يتغير، فإنه قال في ترجمته عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، فقلت ليحيى بن معين: يزيد بن أبي زياد دون عطاء بن السائب ؟ قال: نعم ومن سمع من عطاء بن السائب وهو مختلط، فيزيد فوق عطاء. فدل على أن يزيد لم يختلط، لأنه لو اختلط لكانا سواء في الاختلاط، ولفصل فقال: قبل اختلاطه، وقد ظهر أنه لا حجة لابن حبان، وإنما تصيد ذلك مما رواه هو في كتاب المجروحين، أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: سمعت الشافعي يقول: حدثنا ابن عيينة، قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد، بمكة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه. قال سفيان: فلما قدم يزيد الكوفة سمعته يحدث بهذا الحديث وزاد فيه ثم لم يعد، فظننت أنهم لقنوه. انتهى.

صفحه ۲۴۵