غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
ژانرها
أثار هذا الحديث حنقي كثيرا، لكنني كظمت غضبي، فقلت في نفسي: «لو كنت قدمت شهادة دادا عبد الله، لرفضت ولطلب مني إحضار شهادات من أوروبيين، وما العلاقة بين قبولي محاميا ومولدي وأسلافي؟ كيف يمكن استخدام أصلي، سواء كان وضيعا أو مثيرا للاعتراض، ضدي؟» لكنني تمالكت أعصابي وأجبت: «أنا على استعداد لتقديم الشهادة الخطية التي تحدثت عنها، مع أنني على يقين من أنه لا يحق للنقابة مطالبتي بكل هذه التفاصيل.»
أعددت شهادة السيد عبد الله وقدمتها إلى المحامي الممثل لنقابة المحامين، لقد كانت الشهادة كافية للمحامي، ولكنها لم تكن كافية للنقابة، فاعترضت النقابة على طلبي أمام المحكمة العليا، التي رفضت الاعتراض دون حتى أن تستدعي السيد إسكومب، وكان منطوق الحكم:
ترى المحكمة أن الاعتراض الذي يرتكز على عدم إلحاق المتقدم لشهادته الإنجليزية غير مقبول موضوعا، في حالة ثبوت تزوير المتقدم للشهادة، فحينها يمكن مقاضاته ويشطب اسمه من لائحة المحامين، فالقانون لا يميز بين البيض والملونين. وعليه لا تجد المحكمة ما يمنع من إدراج السيد غاندي في لائحة المحامين، وبذلك نقبل طلبه بالانضمام إلى نقابة المحامين. سيد غاندي، يمكنك أن تحلف اليمين الآن.
وقفت لأحلف اليمين أمام أمين السجل. وما إن انتهيت من اليمين، حتى خاطبني رئيس المحكمة قائلا: «سيد غاندي، يجب أن تخلع عمامتك الآن، ويجب أن تلتزم بقواعد المحكمة الخاصة بالزي الرسمي للمحامين.»
فأدركت ضعفي، وطواعية خلعت العمامة التي رفضت من قبل أن أنزعها أمام محكمة المقاطعة. وليس ذلك بسبب أن اعتراضي على الأمر لم يكن مبررا، لكن لأنني أردت أن أدخر قواي للمعارك الأعنف، فلا يجب علي أن أهدر قواي النضالية في الإصرار على الاحتفاظ بعمامتي، فقد كنت أستحق قضية أهم للنضال من أجلها.
لم يحبذ السيد عبد الله وغيره من الأصدقاء رضوخي لأمر القاضي (فيا ترى هل كان ضعفا مني؟) كانوا يرون أن علي التمسك بحقي في ارتداء عمامتي أثناء تأدية عملي في المحكمة، وحاولت أن أقنعهم بوجهة نظري، وحضرتني الحكمة التي تقول: «دارهم ما دمت في دارهم.» فقلت لهم: «كان يمكن أن أرفض خلع عمامتي إذا كان الأمر صادرا من ضابط أو قاض إنجليزي في الهند، لكن كموظف في المحكمة كان سيشينني أن أتجاهل قواعد المحكمة في ناتال.»
نجحت في تهدئة الأصدقاء إلى حد ما بهذه الحجة وغيرها من الحجج المماثلة، لكنني لم أنجح في إقناعهم تماما بمبدأ النظر إلى الأشياء من وجهة نظر مختلفة في الظروف المختلفة، ولكن طوال حياتي، علمني إصراري على الوصول إلى الحقيقة أن أقدر روعة الوصول إلى التفاهم، وأدركت فيما بعد أن هذه الروح هي جزء جوهري من الساتياجراها، وكانت غالبا ما تعني تعريض حياتي للخطر وتحمل سخط أصدقائي، لكن هذه هي طبيعة الحقيقة حيث تجمع بين صلابة الحجر ورقة الزهور.
كانت معارضة نقابة المحامين لي بمثابة الدعاية لي في جنوب أفريقيا، حيث شجبت معظم الصحف معارضة النقابة، واتهمتها بالغيرة. وقد أدت هذه الدعاية إلى تسهيل عملي بقدر ما.
الفصل التاسع عشر
المؤتمر الهندي لناتال
صفحه نامشخص