غمز عیون البصائر

شهاب الدین حموی d. 1098 AH
87

غمز عیون البصائر

غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م

فَإِنْ كَانَ كَفًّا، وَهُوَ أَنْ تَدْعُوَهُ النَّفْسُ إلَيْهِ قَادِرًا عَلَى فِعْلِهِ فَيَكُفَّ نَفْسَهُ عَنْهُ خَوْفًا مِنْ رَبِّهِ فَهُوَ مُثَابٌ، ١٣٦ - وَإِلَّا فَلَا ثَوَابَ عَلَى تَرْكِهِ، فَلَا يُثَابُ عَلَى تَرْكِ الزِّنَا وَهُوَ يُصَلِّي، ١٣٧ - وَلَا يُثَابُ الْعِنِّينُ عَلَى تَرْكِ الزِّنَا، وَلَا الْأَعْمَى عَلَى تَرْكِ النَّظَرَ إلَى الْمُحَرَّمِ. وَعَلَى هَذَا قَالُوا فِي الزَّكَاةِ: لَوْ نَوَى مَا لِلتِّجَارَةِ أَنْ يَكُونَ لِلْخِدْمَةِ كَانَ لِلْخِدْمَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَهُوَ مَا إذَا نَوَى فِيمَا كَانَ لِلْخِدْمَةِ أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ لَا ــ [غمز عيون البصائر] جَوَابُ أَمَّا مَحْذُوفًا لِدَلَالَةِ سِيَاقِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ (١٣٥) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ كَفًّا: أَقُولُ حَيْثُ أَوَّلَ التَّرْكَ بِالْكَفِّ فَالثَّوَابُ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ إلَّا عَلَى الْفِعْلِ؛ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْكَفَّ فِعْلُ النَّفْسِ فَإِنَّ الْفِعْلَ كَمَا يُنْسَبُ إلَى الْجَوَارِحِ يُنْسَبُ إلَى النَّفْسِ، وَحِينَئِذٍ فَالتَّرْكُ مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مُثَابًا عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْكَفَّ فِعْلٌ بَلْ هُوَ تَرْكُهُ وَتَرْكُهُ غَيْرُهُ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ فِعْلٌ لِلنَّفْسِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ [الفرقان: ٣٠] وَقَوْلُهُ ﷺ فِي حَدِيثِ أَبِي حُذَيْفَةَ النَّسَوَائِيِّ «أَيُّ الْأَعْمَالِ خَيْرٌ؟ فَسَكَتُوا فَقَالَ: حِفْظُ اللِّسَانِ» . (١٣٦) قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا ثَوَابَ عَلَى تَرْكِ الزِّنَا إلَخْ. تَحْقِيقُهُ كَمَا فِي فُصُولِ الْبَدَائِعِ لِلشَّمْسِ الْفَنَارِيِّ: إنَّ التَّرْكَ بِمَعْنَى عَدَمِ الْفِعْلِ لَا يَصِحُّ طَلَبُهُ، إمَّا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ وَإِمَّا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَطْلُوبًا لَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الثَّوَابُ، فَيَكُونَ كُلُّ مُكَلَّفٍ مُثَابًا بِاعْتِبَارِ عَدَمِ فِعْلِ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا تُحْصَى. وَلَا قَائِلَ بِهِ وَالْمَطْلُوبُ الْفِعْلِ كَفًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (١٣٧) قَوْلُهُ: وَلَا يُثَابُ الْعِنِّينُ عَلَى تَرْكِ الزِّنَا إلَخْ. قِيلَ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْعُنَّةَ لَا تُنَافِي حُصُولَ الشَّهْوَةِ فَإِذَا اشْتَهَرَ الْمُبَاشَرَةُ وَلَوْ بِلَا إيلَاجٍ فَلِمَ لَا يُثَابُ عَلَى التَّرْكِ وَالْكَفِّ فَتَأَمَّلْ وَقِيلَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى: وَذُكِرَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْكَلَامِ أَنَّ تَوْبَةَ الْيَائِسِ هَلْ تُعْتَبَرُ؟ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ، حَتَّى إنَّ مَنْ تَابَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ،

1 / 95