فتوحات مکیه
الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
ناشر
دار إحياء التراث العربي
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
1418هـ- 1998م
محل انتشار
لبنان
فبينهما ما بين كلمتيهما فما في الوجود إلا الله ولا يعرف الله إلا الله ومن هذه الحقيقة قال من قال أنا الله كأبي يزيد وسبحاني كغيره من رجال الله المتقدمين وهي من بعض تخريجات أقوالهم رضي الله عنهم فمن وصل إلى الحيرة من الفريقين فقد وصل غير أن أصحابنا اليوم يجدون غاية الألم حيث لا يقدرون يرسلون ما ينبغي أن يرسل عليه سبحانه كما أرسلت الأنبياء عليهم السلام فما أعظم تلك التجليات وإنما منعهم أن يطلقوا عليه ما أطلقت الكتب المنزلة والرسل عليهم السلام عدم إنصاف السامعين من الفقهاء وأولى الأمر لما يسارعون إليه في تكفير من يأتي بمثل ما جاءت به الأنبياء عليهم السلام في جنب الله وتركوا معنى قوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة كما قال له صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل عند ذكره الأنبياء والرسل عليهم السلام أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده فأغلق الفقهاء هذا الباب من أجل المدعين الكاذبين في دعواهم ونعم ما فعلوا وما على الصادقين في هذا من ضرر لأن الكلام والعبارة عن مثل هذا ما هو ضربة لازب وفي ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك كفاية لهم فيوردونها يستريحون إليها من تعجب وفرح وضحك وتبشش ونزول ومعية ومحبة وشوق وما أشبه ذلك مما لو انفرد بالعبارة عنه الولي كفر وربما قتل وأكثر علماء الرسوم عدموا علم ذلك ذوقا وشربا فأنكروا مثل هذا من العارفين حسدا من عند أنفسهم إذ لو استحال إطلاق مثل هذا على الله تعالى ما أطلقه على نفسه ولا طلقته رسله عليهم السلام عليه ومنعهم الحسد أن يعلموا إن ذلك رد على كتاب الله وتحجير على رحمة الله أن تنال بعض عباد الله وأكثر العامة تابعون للفقهاء في هذا الإنكار تقليدا لهم لا بل بحمد الله أقل العامة وأما الملوك فالغالب عليهم عدم الوصول إلى مشاهدة هذه الحقائق لشغلهم بما دفعوا إليه فساعدوا علماء الرسوم فيما ذهبوا إليه إلا القليل منهم ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزل والله يعصمك من الناس فانظر ما يقاسيه في نفسه العالم بالله فسبحان من أعمى بصائرهم حيث أسلموا وسلموا وآمنوا بما به كفروا فالله يجعلنا ممن عرف الرجال بالحق لا ممن عرف الحق بالرجال والحمد لله رب العالمين والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .
الباب الحادي والخمسون في معرفة رجال من أهل الورع قد تحققوا بمنزل نفس
الرحمن
يا من تحقق بالنفس . . . إن الكلام لفي القبس
وكذا الهبات من العلو . . . م لدى المحقق في البلس
لله قوم ما لهم . . . في نفس نفسهم نفس
وهم الذين هموهم . . . أهل المشاهد في الغلس
فهم الخلائف في الغيو . . . ب وفي الشهادة كالعسس
أعلى الإله مقامهم . . . في سورة تتلى عبس
فيها لطائف سرهم . . . فابحث ولا تك تختلس
صفحه ۳۴۳