167

فتوحات مکیه

الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية

ناشر

دار إحياء التراث العربي

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

1418هـ- 1998م

محل انتشار

لبنان

كمثل رسول الله في طوره فما . . . له خلف بل عنده الأمر قد وقف

اعلم أن العالم لما كان أكرى الشكل لهذا حن الإنسان في نهايته إلى بدايته فكان خروجنا من العدم إلى الوجود به سبحانه وإليه نرجع كما قال عز وجل ' وإليه يرجع الأمر كله ' وقال ' واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ' وقال : ' وإليه المصير وإلى الله عاقبة الأمور ' ألا تراك إذا بدأت وضع دائرة فإنك عندما تبتدىء بها لا تزال تديرها إلى أن تنتهي إلى أولها وحينئذ تكون دائرة ولو لم يكن الأمر كذلك لكنا إذا خرجنا من عنده خطا مستقيما لم نرجع إليه ولم يكن يصدق قوله وهو الصادق وإليه ترجعون وكل أمر وكل موجود فهو دائرة يعود إلى ما كان منه بدؤه وأن الله تعالى قد عين لكل موجود مرتبته في علمه فمن الموجودات من خلقت في مراتبها ووقفت ولم تبرح فلم يكن لها بداية ولا نهاية بل يقال وجدت فإن البدء ما تعقل حقيقته إلا بظهور ما يكون بعده مما ينتقل إليه وهذا ما انتقل فعين بدئه هو عين وجوده لا غير ومن الموجودات ما كان وجودها أولا في مراتبها ثم نزل بها إلى عالم طبيعتها وهي الأجسام المولدة من العناصر ولا كلها بل أجسام الثقلين وأقام الله لها في تلك المرتبة المعينة لها التي أنزلت منها على غير علم منها بها داعيا يدعو كل شخص إليها فلا يزال يرتقي بالأعمال الصالحة حتى يصل إليها أو يطلبها بالأعمال التي لا يرتضيها الحق فداعى الحق إذا قام بقلب العبد إنما يدعوه من مقامه الذي تكون غايته إليه إذا سلك ولما كان كل وارد ملذوذا لذيذا فإنه جديد غريب لطيف لهذا يحن إليه دائما ومن ذلك حب الأوطان قال ابن الرومي :

وحبب أوطان الرجال إليهمو . . . مآرب قضاها الشباب هنالكا

صفحه ۳۲۴