سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها ، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز . فحصل ها حضور1)تام مع الله وهو الروح المعنوي . فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه . فلما قال لها "إنما أنا رسول ربك جئت ولأهب لك غلاما زكيا" انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها فنفخ فيه في ذلك الحين(2) عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله(3) لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله(3) "وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه " . فسرت الشهوة في مريم: فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل ، سري(4) في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه ، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الانساني إلا على الحكم المعتاد(5) . فخرج عيسى (6) يحيي الموتى لأنه روح إلهي ووكان الإحياء لله(7) والنفخ لعيسى ؛ كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله . فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا(8) من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه . وكان إحياؤه أيضا متوهما(9) أنه منه وإنما كان لله . فجمع بحقيقته التي(10)خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق
صفحه ۱۳۹