المطالب والآراء وكأن هذا مراد من فسره بسرعة الانتقال من المبادي إلى المطالب نعم فرق بين ظاهر كل واحد من الحدين وظاهر الاخر من حيث إن أحدهما ظاهر في الفعلي والاخر في الثاني و ضعف الأول بعدم صدق الفهيم على البليد مع صدق المدرك عليه و الثاني بشيوع استعماله في مطلق الادراك ويمكن الجواب عن الأول على الأول بالتزام النقل في لفظ الفهيم أو بأنه صيغة مبالغة كعليم فلا ينافي عدم إطلاقه على مطلق المدرك وأما في الاصطلاح فله تعريفات عديدة أشهرها أنه العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية فالعلم يطلق على معان عديدة منها الادراك المطلق وهذا الاطلاق وإن كان متداولا عند أهل الميزان بل هو حقيقة في عرفهم إلا أنه مجاز باعتبار العرف واللغة ومنها التصديق أعني الاعتقاد سوأ اعتبر فيه الأمور الثلاثة من الجزم والثبات والمطابقة أو لم تعتبر كلا أو بعضا وإطلاق العلم على ما يشتمل على الجميع حقيقة لغة وعرفا كمجازية إطلاقه على ما ينتفي فيه الامر الأول وفي إطلاقه على البواقي وجهان وقد نص كثير منهم على مجازيته وهو الظاهر ومنها الملكة وهي الهيئة الراسخة الناشئة عن الممارسة فيما أضيف إليه الملكة أو مطلقا أو مطلق التهيؤ والأول أظهر وإطلاقه عليها وإن كان مجازا لغة لكنه حقيقة في مصطلح أرباب العلوم بالغلبة أو النقل كما هو الظاهر وإليه يرشد ظاهر كلماتهم ومنها التصور وإطلاقه عليه مبني على أخذه بمعنى الادراك ومنها المسائل وهي القضايا أو المحمولات المنتسبة وإليه يرجع قولهم فلان يعلم النحو أي مسائله وهل هو مجاز مطلقا من باب تسمية المعلوم ولو بالقوة باسم العلم تمسكا بأصالة عدم الاشتراك أو حقيقة عرفية عامة أو خاصة نظرا إلى شيوع إطلاقه فيه عليها وجهان والاحكام تطلق أيضا على معان عديدة على خطابات الشرع المتعلقة بأفعال المكلفين وهذا معناه المصطلح عليه عند القوم على ما سيأتي وعلى التصديقات مطلقا أو مع المنع من النقيض والظاهر أن هذا المعنى بالاعتبار الأخير ثابت لها بحسب اللغة والعرف واستعمالها فيها شائع في العلوم لا سيما علم الميزان لكنهم كثيرا ما يستعملونه في التصديق بالمعنى الأعم و على المسائل وعلى النسب الحكمية والظاهر أن إطلاقها على هذين المعنيين مجاز في المعنى السابق بعلاقة المجاورة أو الحلول وعلى الأحكام الخمسة التكليفية وعلى مطلق الاحكام أعني الأعم من التكليفية والوضعية وإطلاقها على هذا المعنى متداول في عرف المتشرعة وإطلاقها على الخمسة التكليفية راجع إليه فإن فسر العلم بالادراك جاز حمل الاحكام على النسب والمسائل وعلى مطلق الاحكام أيضا إن اعتبرت من حيث انتسابها إلى موضوعاتها إلا أنه يستلزم استدراك قيد الشرعية على ما هو الظاهر من اختصاصها بهذا المعنى بالشرعية دون الأعم منها ومن غيرها والأظهر في هذه الصور أن يجعل الظرف متعلقا بالمتعلق المقدر أي الادراك المتعلق بالنسب أو المسائل أو الاحكام ولا يصح حملها حينئذ على التصديقات إذ ليس إدراكها فقها إلا أن يراد بها تصديقات الشارع لكنه مع بعده لا يختص بمن يرى صحتها وظاهر الاصطلاح لا يساعد عليه ولا على الأحكام الخمسة لانتقاض عكس الحد حينئذ بالأحكام الوضعية مع أنها داخلة في الفقه قطعا ومن التزم بخروجها منه و جعل ذكرها فيه على التبعية أو لأولها إلى الأحكام التكليفية فقد أتى بتعسف بين ولا على الخطابات سواء أريد به توجيه الكلام نحو الغير لظهور أن العلم بهذا الامر النسبي ليس فقها ولا مستفادا من الأدلة أو أريد به نفس الكلام الموجه لوضوح أن مجرد العلم به لا يسمى فقها وللزوم اتحاد الدليل والمدلول حينئذ فإن من الأدلة الكتاب وهو من جملة الخطابات المذكورة وقد أجابت الأشاعرة عن هذا بجعل الاحكام عبارة عن الكلام النفسي والأدلة عبارة عن الكلام اللفظي فلا اتحاد وأورد عليه الفاضل المعاصر بعد بطلان الكلام النفسي في نفسه بأن الكتاب مثلا حينئذ كاشف عن المدعى لا مثبت للدعوى فلا يكون دليلا في الاصطلاح هذا كلامه فإن أراد أن الكلام النفسي حينئذ مطلوب إنشائي فلا يكون الكلام اللفظي دليلا عليه حيث يعتبر عندهم أن يكون المطلوب به خبريا ففيه أن المراد إنما هو العلم بالأحكام من حيث كونها ثابتة ومتحققة في نفس الامر أو عند الشارع بدليل أن المراد بالعلم إما التصديق أو الادراك التصديقي أو ملكتهما دون التصور أو ملكته كما سيتضح وجهه ولا ريب أنها بهذا الاعتبار من المطلوب الخبري وإن كانت من حيث ذواتها إنشاء وظاهر أن الأدلة إنما تعتبر أدلة لها بهذا الاعتبار فلا إشكال وإن أراد أن الخطابات النفسية مداليل للخطابات اللفظية فلا تكون أدلة عليها لان الألفاظ لا تثبت معانيها وإنما تكشف عنها عند العالم بالوضع على سبيل البداهة والضرورة ففيه أن الخطابات اللفظية لم تعتبر أدلة على الخطابات النفسية من حيث اقتضائها لتصورها وحضورها في نظر السامع بل من حيث التصديق بثبوتها عند المتكلم وإرادته لها وظاهر أن اللفظ يصح أن يكون دليلا على معناه بهذا الاعتبار بالمعنى المصطلح لتوقف دلالته عليه على تمهيد مقدمات عديدة ثم أجاب عن أصل الاشكال بجعل الاحكام عبارة عما علم ثبوته من الدين ضرورة بالاجمال والأدلة عبارة عن الخطابات التفصيلية قال فإنا نعلم أولا بالبديهة أن لشرب الخمر و أكل الربا أو نحو ذلك حكما أي خطابا من الخطابات من الاحكام ولا نعرفه بالتفصيل إلا من قوله تعالى حرمت عليكم الميتة وحرم الربا ونحو ذلك هذا كلامه وفيه ما لا يخفى فإن الخطابات التفصيلية ليست أدلة على الخطابات الاجمالية وذلك واضح على أن الخطابات الاجمالية كما اعترف به ثابتة بالضرورة والبداهة فلا تكون حاصلة عن الأدلة مع أن العلم بالخطابات الاجمالية لا يسمى في الاصطلاح فقها قطعا وإن أراد بها الاحكام الاجمالية من حيث التفصيل عاد المحذور فإن
صفحه ۲