341

الفصول في الأصول

الفصول في الأصول

ناشر

وزارة الأوقاف الكويتية

ویراست

الثانية

سال انتشار

۱۴۱۴ ه.ق

محل انتشار

الكويت

ژانرها

اصول فقه
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا أَنْ يُطْلَقَ عَلَى كُلِّ مَنْ أَفْهَمَنَا قَصْدَهُ وَمُرَادَهُ بِأَنَّهُ ذُو بَيَانٍ. قِيلَ لَهُ: كُلُّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَبَانَ عَنْ مُرَادِهِ وَأَتَى بِبَيَانِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُسَمَّى لِذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَنْ غَلَبَ عَلَى كَلَامِهِ الْإِيضَاحُ وَانْتَفَى عَنْهُ الْعِيُّ وَالتَّعْقِيدُ كَمَا أَنَّ الْفَصَاحَةَ وَالْبَلَاغَةَ أَصْلُهَا إفْصَاحُ اللِّسَانِ بِمُرَادِهِ وَبُلُوغُهُ حَاجَتَهُ فِيمَا يُرِيدُ الْإِبَانَةَ عَنْهُ. وَلَا يُسَمَّى كُلُّ مَنْ أَفْصَحَ عَنْ نَفْسِهِ فَصِيحًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَكَمَا أَنَّ قَوْلَنَا عَالِمٌ وَفَقِيهٌ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَلَا يُسَمَّى كُلُّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا عَالِمًا وَلَا مَنْ فَقِهَ مَسْأَلَةً فَقِيهًا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُنَا فُلَانٌ ذُو بَيَانٍ وَبَيِّنُ اللِّسَانِ إنَّمَا يَنْصَرِفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى مَنْ كَانَ الْغَالِبُ (عَلَى كَلَامِهِ) الْإِبَانَةَ عَنْ نَفْسِهِ مَعَ انْتِفَاءِ الْعِيِّ وَالتَّعْقِيدِ عَنْهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هَلَّا قُلْت إنَّ الْبَيَانَ هُوَ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الشَّيْءُ كَمَا أَنَّ التَّحْرِيكَ هُوَ مَا يَتَحَرَّك بِهِ (الشَّيْءُ) وَالتَّسْوِيدُ (وَهُوَ) مَا يُسَوَّدُ بِهِ الشَّيْءُ.
قِيلَ لَهُ: لَا يَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيَانَ قَدْ يَحْصُلُ مِنْ الْمُبِينِ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ بِهِ الْمُخَاطَبُ وَقَدْ حَصَلَ الْبَيَانُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ رَسُولِهِ لِلْمُكَلَّفِينَ فِيمَا تَهُمُّ إلَيْهِ الْحَاجَةُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَلَمْ يَتَبَيَّنْهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِنَادِ وَالْكُفْرِ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ فَقْدَ التَّبْيِينِ مِنْ

2 / 9