310

الفصول في الأصول

الفصول في الأصول

ناشر

وزارة الأوقاف الكويتية

ویراست

الثانية

سال انتشار

۱۴۱۴ ه.ق

محل انتشار

الكويت

سَلَفَ مِنْ أَنَّ إطْلَاقَ اسْمِ الْمُشْرِكِ يَتَنَاوَلُ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عُمُومًا لَمْ يَعْتَرِضْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّا إنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْعَامَّ يَنْسَخُ الْخَاصَّ إذَا وَرَدَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ حُكْمِهِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا عِلْمُ ذَلِكَ فِي هَاتَيْنِ.
وَالثَّانِي: أَنَّا إنَّمَا رَتَّبْنَا الْعَامَّ عَلَيْهِ لِاتِّفَاقِ السَّلَفِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ تَارِيخُ نُزُولِهِمَا.
، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾ [النساء: ٣] وقَوْله تَعَالَى ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] إلَى آخِرِهِ وقَوْله تَعَالَى ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] وقَوْله تَعَالَى ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢] .
، وَكُلُّ ذَلِكَ إنَّمَا وَجَبَ فِيهِ التَّرْتِيبُ لِدَلَائِلَ أَوْجَبَتْهُ، وَاعْتِرَاضُ مُخَالِفِنَا عَلَيْنَا بِمِثْلِ ذَلِكَ كَاعْتِرَاضِ نُفَاةِ الْعُمُومِ بِالْآيِ الَّتِي ظَوَاهِرُهَا الْعُمُومُ وَالْمُرَادُ بِهَا الْخُصُوصُ وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِهَا عَلَى نَفْيِ الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ فَقُلْنَا لَهُمْ إنَّ الْأَصْلَ الْعُمُومُ وَصِرْنَا إلَى الْخُصُوصِ بِدَلَالَةٍ كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْكَلِمَةِ الْحَقِيقَةُ (وَلَا تُصْرَفُ) إلَى الْمَجَازِ إلَّا بِدَلَالَةٍ.
كَذَلِكَ نَقُولُ فِيمَا (قَدْ) ذَكَرْنَا أَنَّا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَى صِحَّةِ الْمَقَالَةِ بِمَا وَصَفْنَا.
، وَكُلُّ مَوْضِعٍ أَرَيْتُمُونَا فِيهِ التَّرْتِيبَ فَإِنَّمَا رَتَّبْنَاهُ بِدَلَالَةٍ فَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْمَقَالَةِ كَمَا لَا يَقْدَحُ وُجُودُ لَفْظٍ مُرَادُهُ الْخُصُوصُ فِي أَصْلِ الْقَوْلِ فِي الْعُمُومِ.

1 / 396