الفصول في الأصول
الفصول في الأصول
ناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
۱۴۱۴ ه.ق
محل انتشار
الكويت
ژانرها
اصول فقه
قَالَ هَذَا الرَّجُلُ: وَبِالذَّهَابِ عَنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ خَاصَمَتْ قُرَيْشٌ النَّبِيُّ ﷺ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٨] حَتَّى وَرَدَ ﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠١] وَهَذَا أَبْعَدُ مِنْ الْأَوَّلِ فِي جِهَةِ الدَّلَالَةِ مِنْهُ عَلَى مَوْضِعِ الْخِلَافِ. وَذَلِكَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [الأنبياء: ٩٨] لَمْ يَتَنَاوَلْ قَطُّ غَيْرَ الْأَصْنَامِ الَّتِي عُبِدَتْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لِأَنَّ " مَا " فِي اللُّغَةِ لِغَيْرِ الْعُقَلَاءِ " وَمَنْ " لِلْعُقَلَاءِ فَمَنْ اعْتَرَضَ (عَلَيْهِ) بِعِبَادَةِ الْمَسِيحِ وَالْمَلَائِكَةِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - فَقَدْ تَعَسَّفَ وَذَهَبَ عَنْ (مَعْنَى) الْآيَةِ.
، وَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ (هَذَا) اللَّفْظَ لَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَ الْأَصْنَامِ وَلَكِنَّهَا اعْتَرَضَتْ بِمَا ذَكَرَتْ مِنْ عِبَادَةِ الْمَسِيحِ وَالْمَلَائِكَةِ مُتَعَنِّتِينَ لَهُ فَقَالَتْ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَصْنَامُ فِي النَّارِ لِأَنَّهَا عُبِدَتْ مِنْ دُونِ (اللَّهِ) فَقَدْ يَجِبُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَلَائِكَةِ وَالْمَسِيحِ لِأَنَّهُمْ عُبِدُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ. وَلَكِنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا يَفْعَلُهُ بِهَا فِي الْآخِرَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ إنَّ الْأَصْنَامَ فِي النَّارِ لِأَنَّهَا عُبِدَتْ مِنْ دُونِ اللَّهِ (وَلَكِنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا يَفْعَلُهُ بِهَا فِي الْآخِرَةِ) تَعْيِيرًا لِلْكُفَّارِ وَإِظْهَارًا لِتَكْذِيبِهِمْ بِأَنَّهُمْ يُقَرِّبُونَهُمْ إلَى اللَّهِ زُلْفَى.
1 / 393