الفصول في الأصول
الفصول في الأصول
ناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
۱۴۱۴ ه.ق
محل انتشار
الكويت
ژانرها
اصول فقه
وَالْكِنَايَةُ رَاجِعَةٌ إلَى التِّجَارَةِ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ عَنْ مُؤَنَّثٍ وَهِيَ التِّجَارَةُ وَلَيْسَ اللَّهْوُ مُؤَنَّثًا فَتَكُونَ الْكِنَايَةُ عَنْهُ وَقَدْ اشْتَرَكَا جَمِيعًا فِي الْخَبَرِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّك مَتَى أَفْرَدْت اللَّهْوَ عَنْ الْخَبَرِ الْعَائِدِ إلَى التِّجَارَةِ سَقَطَتْ فَائِدَتُهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فِي مَعْنَى وَإِذَا رَأَوْا اللَّهْوَ وَهَذَا كَلَامٌ مُفْتَقِرٌ إلَى خَبَرٍ وَلَا شَيْءَ هَاهُنَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْهُ إلَّا مَا جَعَلَهُ خَبَرًا (عَنْ التِّجَارَةِ) وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا خَصَّ التِّجَارَةَ بِعَطْفِ الْكِنَايَةِ عَلَيْهَا دُونَ اللَّهْوِ لِأَنَّ الِانْصِرَافَ عَنْ الذِّكْرِ وَالْخُطْبَةِ إلَى التِّجَارَةِ أَكْثَرُ فِي الْعَادَةِ فِي مَقَاصِدِ النَّاسِ مِنْهُ إلَى اللَّهْوِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ إلَيْهَا كِنَايَةٌ عَنْ الْجُمْلَةِ الْمَذْكُورَةِ الْمُنْتَظِمَةِ لَهُمَا وَمِمَّا عَادَتْ الْكِنَايَةُ فِيهِ إلَى بَعْضِ الْمَذْكُورِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٤] فَظَاهِرُ الْكِنَايَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهَا عَائِدَةٌ عَلَى الْفِضَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَعَادَهَا عَلَيْهَا لِأَنَّهَا تَلِيهَا وَإِنْ كَانَتَا جَمِيعًا مُشْتَرِكَتَيْنِ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ [التوبة: ٣٤] لَا بُدَّ لَهُ مِنْ خَبَرٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ " وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ " خَبَرًا لَهُمَا جَمِيعًا.
فَإِنْ قِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٤] خَبَرًا لَهُمَا جَمِيعًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ " وَلَا يُنْفِقُونَهَا " حُكْمًا مَقْصُورًا عَلَى الْفِضَّةِ الَّتِي عَادَتْ الْكِنَايَةُ إلَيْهَا وَيَكُونُ قَوْلُهُ ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: ٣٤] خَبَرًا عَنْ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ. قِيلَ لَهُ: مَعْلُومٌ أَنَّ الْوَعِيدَ لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الزَّجْرِ عَنْ كَنْزِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إلَّا عَلَى شَرِيطَةِ تَرْكِ الْإِنْفَاقِ مِنْهُمَا فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: ٣٤] وَعِيدًا لِمَنْ كَنَزَ الذَّهَبَ مِنْ غَيْرِ شَرِيطَةِ تَرْكِ الْإِنْفَاقِ مِنْهُ، وَعَلَى أَنَّ هَذَا يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ
1 / 274