الفصول في الأصول
الفصول في الأصول
ناشر
وزارة الأوقاف الكويتية
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
۱۴۱۴ ه.ق
محل انتشار
الكويت
ژانرها
اصول فقه
وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ وُجُودَ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ بِالْجُمْلَةِ لَا يَجْعَلُ اللَّفْظَ مَجَازًا بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ لِلْبَاقِي لِأَنَّ ذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ اللَّفْظِ بِنَفْسِ الصِّيغَةِ فَصَارَتْ التِّسْعَةُ لَهَا اسْمَانِ. أَحَدُهُمَا: تِسْعَةٌ، وَالْآخَرُ: عَشَرَةٌ إلَّا وَاحِدًا وَالِاسْمَانِ جَمِيعًا حَقِيقَةٌ لَهَا لِأَنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَهِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ، وَكَمَا أَنَّ قَوْلَنَا وَاحِدٌ وَوَاحِدٌ، وَقَوْلَنَا اثْنَانِ سَوَاءٌ وَاللَّفْظَانِ جَمِيعًا عِبَارَةٌ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ عَلَى جِهَةِ الْحَقِيقَةِ لِأَنَّهُ مَعْقُولٌ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ.
وَأَمَّا قِيَامُ دَلَالَةِ الْخُصُوصِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقْتَرِنَ إلَى اللَّفْظِ حَتَّى تَصِيرَ الصِّيغَةُ الْمَسْمُوعَةُ مَعَ الدَّلَالَةِ عِبَارَةً عَنْ الْبَاقِي، لِأَنَّ الدَّلَالَةَ لَا تُغَيِّرُ صِيغَةَ اللَّفْظِ فَصَارَتْ الصِّيغَةُ إذَا أُطْلِقَتْ وَالْمُرَادُ بِهَا الْخُصُوصُ مَجَازًا لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا اسْتِيعَابُ جَمِيعِ مَا تَحْتَهَا فَمَتَى أُطْلِقَتْ وَالْمُرَادُ الْبَعْضُ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا فَصَارَ اللَّفْظُ مَجَازًا، وَالْمَجَازُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ (تَقُومُ الدَّلَالَةُ) عَلَيْهِ.
كَذَلِكَ الْعُمُومُ مَتَى أُطْلِقَ وَالْمُرَادُ الْخُصُوصُ احْتَاجَ إلَى دَلَالَةٍ فِي اعْتِبَارِ عُمُومِهِ فِي الْبَاقِي، وَكَانَ أُلْزِمَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إبْطَالَ فَائِدَةِ اللَّفْظِ رَأْسًا لِافْتِقَارِهِ إلَى دَلَالَةٍ (مِنْ) غَيْرِهِ فِي إثْبَاتِ حُكْمِهِ فَكَانَ يُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ فَائِدَةِ اللَّفْظِ لِأَنَّ وُرُودَهُ (قَدْ) أَفَادَنَا حُدُوثَ حُكْمٍ يَرِدُ بَيَانُهُ فِي الثَّانِي بِمَنْزِلَةِ اللَّفْظِ الْمُجْمَلِ الْمُفْتَقِرِ إلَى الْبَيَانِ، فَمَتَى وَرَدَ الْبَيَانُ كَانَ الْحُكْمُ مُوجَبًا بِاللَّفْظِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١] مَتَى بُيِّنَ الْحَقُّ كَانَ مُوجَبًا بِاللَّفْظِ. كَذَلِكَ فِيمَا وَصَفْنَا مَتَى قَامَتْ دَلَالَةُ الْمُرَادِ كَانَ مُوجَبًا بِاللَّفْظِ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا السُّؤَالُ لَازِمًا (لَهُ) عَلَى حَسَبِ مَا أَرَادَ السَّائِلُ إلْزَامَهُ وَحَاوَلَ بِهِ إفْسَادَ مَذْهَبِهِ.
1 / 251