من قبل ولا أذيعت قط. وهي تتنوع في موضوعاتها وتتباين، وفيها فوائد وفيها عِبَر، وفيها نثر وفيها شعر، وفيها جِدّ وفيها طرائف. وقد رتبتها في الكتاب في نسق، فجمعت ما تآلف منها معًا، وبدأت بالأخفّ منها وانتهيت بالأدسم.
ولقد كان يمكن أن يصدر هذا الكتاب ويصدر معه الكتاب الآخر الذي أعلنت عنه في بعض حواشي «الذكريات» (في طبعتها الجديدة التي صدرت في السنة الماضية بفضل الله)، وهو كتاب «فصول في الدعوة والإصلاح»؛ فقد عزمت على إصدار الاثنين معًا وفرّغت لهما ما قدّرته لازمًا من الوقت، لكن العمل في هذا الكتاب استطال حتى سطا على وقت الآخر، وعطّلني إصدارُ الطبعة الجديدة من كتاب «دمشق» أيضًا، فتأجل إصدار الكتاب الآخر إلى حين.
وامتدّ عملي في هذا الكتاب لأن فيه نصوصًا كثيرة من النثر والشعر تحتاج إلى مراجعة وضبط، فجدّي ﵀ لم يضبط بالشكل إلا أقل القليل من الكلمات في كل ما يكتب، وأنا أحرص -حين أُعِدّ كُتُبَه للنشر- على أن أضبط كل غريب من اللفظ، وكذلك أسماء الأعلام والأماكن، وأتكبّد في ذلك عناء غير قليل، لكني أحتسبُه لأن الظن يغلب عليّ (حتى يقارب اليقين) أن كثيرين يعجزون عن قراءة الكلمات الصعبة وأسماء الرجال المجهولين والأماكن غير المألوفة، إلا أنْ يُضبَط ذلك كله بالشَّكْل. رحم الله الشيخ، فقد كان يكتب لزمان غير هذا الزمان، أو أنه يظن أن عامة القرّاء (وأنا منهم) مثله في العلم فهم يستغنون عن التشكيل في أمثال هذه المواطن.
1 / 7