205

فصول در دعوت و اصلاح

فصول في الدعوة والإصلاح

ناشر

دار المنارة للنشر والتوزيع

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

محل انتشار

جدة - المملكة العربية السعودية

ژانرها

الخمر والإفساد في الأرض، فلا يجوز تبديلها ولا التصرف فيها، ومن بدّل عقوبة السارق فجعلها السجن مثلًا محل القطع، إن استحلّ هذا التبديل أو اعتقد أن الذي ذهب إليه أفضل وأعدل يكون قد كفر! أما الجرائم والمخالفات التي لم ينص الشارع عليها فإن عقوبتها متروكة لرأي الحاكم المسلم، فما قرّره -بعد استشارة أولي الرأي والعلم وأصحاب الحل والعقد- يكون قانونًا مقبولًا.
وقد يستفظع الناس عقوبة الرجم مثلًا أو عقوبة القطع. والجواب أن عقوبة الرجم لا تكون إلا بإقرار المذنب، لأن الشرع وضع لإثباتها شروطًا يكاد يكون تحقيقها متعذِّرًا أو بعيد الوقوع. وكيف يرى أربعة شهود في وقت واحد ما أوجب عليهم الشارع أن يشهدوا به، ولو كان الفاعلان يفعلان ذلك الأمر أمامهم ما رأوا ذلك لأن أعضاء الإنسان يحجب بعضها بعضًا؟ والعفو، فقد اضطررت إلى هذا التعبير المعقد لئلا أصرّح في الإذاعة بما لا يحسن التصريح به فيها. ومن أقر بالزنا كان له الحق بأن يرجع عن إقراره، ولو كان الإقرار أمام القاضي؛ كل ذلك لأن الحدود تُدرَأ بالشبهات.
وعقوبة السارق لا تكون في كل سرقة، بل في السرقة التي يأخذ فيها الشيء من حِرْز مثله بنيّة امتلاكه، ولا يكون هذا الشيء تافهًا حقيرًا بل شيئًا ثمينًا له قيمة. فلو وضع تاجرٌ عشرين ألف ريال على مكتبه وترك الباب مفتوحًا وذهب ليصلي وجاء من سرقها فإنه لا يُقطَع، لأنه لم يسرقها من حرز مثلها، ومثل هذا المبلغ لا يوضع عادة على المكتب بل في صندوق الحديد. ومن أخذه من صندوق الحديد وأعطاه لآخر، قالوا إنه لا قَطْع عليه

1 / 224